فإن قلنا: تُقسم، فهل يغرم المودَعُ لكلِّ واحد منهما نصفَ القيمة؟ فيه وجهان مأخوذان من قولَي غُرْمِ الحيلولة، فإن قلنا بالغرم، فشرطُه أن يحلف كلُّ واحد منهما على الاستحقاق، وعلى علم المودَع باستحقاقه، فإن لم يحلفا على علمه فلا غرم، وإن قلنا بالوقف، وقد حلفا على الاستحقاق والعلم، فهل يغرم لكلِّ واحد تمامَ القيمة؟ فيه خلاف، وقال في "التقريب": يغرم لكلِّ واحد نصف القيمة، وفي النصف الآخر الخلافُ.
هذا إذا حلفا، ولو نكلا، لكان كما لو حلف المودَعُ، ونكلا بعد حَلِفه.
وإن حلف أحدهما، ونكل الآخر، دُفعت الوديعة إلى الحالف، ولا غرم للناكل.
وإن قلنا: يبدأ بالقرعة، حلف مَن خرجت قرعتُه، وأخذ الوديعة، وليس للآخر أن يحلف ليشاركَه فيها، وهل له تحليف المودَع؟ فيه خلافٌ مبنيٌّ على التغريم، ورمز في "التقريب" إلى أن التحليف بالقرعة بمثابة التحليف يبدأ به الحاكم، فلا فائدة للقرعة سوى البداية.
[٢١٨١ - فصل في الإقرار بالغصب من أحد رجلين]
ولو قال: غصبتُ هذا من أحدكما، ولا أعرفُه، حلف لكلِّ واحد منهما يمينًا باتَّةً أنَّه ما غصب منه، فإن امتنع من ذلك كان ناكلًا؛ لأنَّ النسيان لا يُسقط ضمانَ الغصب، بخلاف الوديعة؛ فإنَّها لا تُضمَن بالنسيان، ولو قال لأحدهما بعد اعترافه بالإبهام: ما غصبتُ منك، سُلِّمت العين إلى