عليه فلا نزاع لهما معه، ولا تُضمن بالنسيان اتِّفاقًا، ولا يُستحبُّ للحاكم تحليفُه على الأصحِّ؛ إذ لا تحليف في حقوق العباد إلا بدعوى.
وإن ادَّعى كلُّ واحد منهما عليه بأنَّه المالك، حلف لهما على نفي العلم يمينًا واحدةً، ويُحتمل أن يحلف يمينين؛ لانفصال إحدى الخصومتين عن الأخرى.
ولو ادَّعى أحدهما في غيبة الآخر، فقال: لا أدري، هل أودعتني، أم رجلٌ آخر؟ فإن لم يسمِّه، وحلف على ذلك، فللآخَرِ تحليفُه إذا حضر، وإن سمَّاه ففي تحليفه احتمال، ولا نقْلَ في ذلك.
وإذا ادَّعيا معًا فله أحوال:
إحداها: أن يحلف أنَّه لا يعرف المستحِقَّ منهما، فيدورُ الخصام بينهما، فإنْ تناكَلَا عن اليمين وُقفت الوديعة بينهما على المذهب، وقيل: تُقسم، فإن قلنا بالوقف، فكان المودَع أهلًا لتركها عنده، فللحاكم تركُها في يده، وهل له انتزاعُها منه ليحفظَها بنفسه أو نائبِه؟ فيه وجهان يجريان في نظائره، وإن حلفا فهل يقتسمان الوديعة، أو يُجعل حَلِفُهما كنكولهما؟ فيه وجهان.
الثانية: أن ينكل المودَع عن اليمين، فهل يبدأ الحاكم بتحليف من شاء منهما، أو يُقْرِعُ؟ فيه وجهان، فإذا بدأ بأحدهما حلَّفه أنَّه لا حقَّ لصاحبه في الوديعة، فإن نكل صاحبه حلَّفه مرَّةً أخرى؛ للإثبات، وإن نكل مَن بدأنا به فلصاحبه الجمعُ بين النفي والإثبات.
فإن قلنا: نبدأ بمن شاء، فهل تُقسم الوديعة، أو توقَف؟ فيه وجهان،