يكن البحر مغرقًا، وإن كان مغرقًا؛ فإن غلب على الظنِّ الهلاك حرم ركوبُه اتِّفاقًا، وإِن استوى الأمران فقد حرَّمه أبو محمَّد، وأشار غيرُه إِلى الكراهة ونفي التحريم، وهل يحرم ركوبُ المُغْرِق لأجل الجهاد؟ فيه وجهان.
* * *
٩٣٥ - فصل في اعتبار المَحْرَم في استطاعة الحجِّ في حقِّ النساء
وجوب الحجِّ على المرأة كوجوبه على الرجل إِلَّا أنَّها تفتقرُ إِلى المَحْرم، فإِن وجدت أسبابَ الاستطاعة إِلَّا المَحْرمَ أو الزوجَ، فلا يلزمها الحجُّ، ولا يؤدَّى من تركتها، وإِن ساعدها زوجُها أو مَحرمُها؛ كالأخ من الرضاع، فذاك، وإِن أبى إِلَّا بأجرة لزمتها الأجرةُ على الأصحِّ، وإِن لم يساعدها زوجٌ ولا ذو محرم، واجتمع نسوةٌ ثقات يصطحبن في رفقة مأمونة، ففي وجوب الخروج وجهان:
أحدُهما: لا يجب إِلَّا أن يكون مع إحداهن مَحْرم، ولم يشترط أحدٌ أن يكونَ مع كل واحدة مَحْرم، واختيار القفَّال اشتراط المحرم، ويشهد لذلك تحريمُ الخلوة؛ إِذ لا يجوزُ للرجل الواحد أن يخلوَ بنسوة إِلَّا أن يكونَ فيهن مَحْرم له، ولو خلا رجالٌ بامرأة وأحدُهم مَحْرم لها، أو خلا عشرون رجلًا بعشرين امرأة، وأحدُهم مَحْرم لواحدة منهنَّ، أو زوجٌ، جاز ذلك، وقد قال الشافعيُّ: لا يجوزُ للرجل أن يَؤُمَّ النساءَ المنفردات إِلَّا أن يكون مَحْرمًا لواحدة منهن.