والثالث: أنَّ العلَّة كثرة الناس، وضيق المكان، فيلحق بها ما ساواها في ذلك من البلاد، وإِن لم يكن شيءٌ من ذلك، فلا تُقام بالبلدة الواحدة إِلا جمعةٌ واحدة.
فإن وقعت جمعتان صحَّت السابقة دون اللاحقة، إِلا أن يكونَ الإِمامُ مع اللاحقة، فوجهان أصحُّهما: أنَّها لا تترجَّح بحضوره؛ إِذ لا يجب مراجعةُ الولاة في الجمعة، وإِن كان الأَولى أن يُراجَعوا، ويعتبر السبقُ بالإِحرام على الأصحِّ، وقيل: بالشروع في الخطبة، وأبعد من قال: بالسلام.
وإِن وقعتا معًا، أو احتُمِل وقوعُهما معًا، فلا تصحُّ واحدةٌ منهما، وتلزمهم الجمعةُ.
قال الإِمام: قياسُ الاحتياط في صورة الاحتمال أن تلزمهم الجمعةُ؛ لاحتمال وقوعهما معًا، وأن يلزمَهم الظهرُ؛ لاحتمال التلاحق، وإِن تلاحقتا ولم تُعرف السابقةُ، فهل تلزمهم الجمعة أو الظهر؟ فيه قولان، ووَجْهُ وجوب الجمعة أنَّها بنيت على كمال، فجاز أن يُشترط فيها تعيُّنُ البراءة مع التعيين، وإِن عرفت السابقة، ثمَّ نُسيتْ، لزمتهم الظهرُ، وأبعد مَنْ طرد القولين.
[٥٤٧ - فرع]
لو علموا في أثناء الجمعة أنَّهم سُبقوا، ففي بناء الظهر عليها قولان.
[٥٤٨ - القراءة في الجمعة]
قال في القديم: يقرأ في الأولى من الجمعة بـ (سبح اسم ربك الأعلى)،