يُحبس إن قربت المسافةُ، وإن بَعُدت؛ فإن كان المسروقُ تالفًا، حُبس، فان بذل القيمة ليُطلَق، ففي إجابته وجهان، وإن كان باقيًا، فهل ينتزعه الحاكمُ للغائب، أو يحبسه؟ فيه وجهان.
وقال الإِمام: لا ينبغي أن يُحبسَ لأجل المال؛ فإن مَنْ أقرَّ لغائب بمال، لم يجز للحاكم حبسهُ؛ لتوقُّف الحبس على طلب ربّ المال، فيُخرَّج الحبسُ على الخلاف في سقوط القطع بالرجوع عن الإقرار؛ سواء كان المسروقُ باقيًا، أو تالفًا، فإن قلنا: يسقط، لم يُحبس، وإن قلنا: لا يسقط، حُبس؛ لئلَّا يهربَ.
* * *
[٣٤٩٦ - فصل في إثبات السرقة بالبينة]
تُقبل شهادةُ الحسبة فيما تمحَّض لله، ولا تُقبل فيما تمحَّض للآدميِّ على المذهب، وفي السرقة وجهان، ولا خلاف أنَّ القطعَ لا يجب بالإقرار بالسرقة ما لم يُفصل في إقراره جميعَ ما يتوقَّف عليه القطعُ، وكذلك الشهادةُ بالسرقة، وفي الإقرار بالزنا وجهان، والنسبةُ إلى الزنا المطلَق قذفٌ اتّفاقًا، فإذا ادَّعى المالكُ السرقةَ، وأقام بذلك بينة، ثبت القطعُ والغُرْم، فإن ادَّعى السارقُ أمرًا لو ثبت لسقط الحدُّ، فللبيِّنة حالان:
إحداهما: أن تكونَ قد شهدت لصاحب المال باليد على المال، وعلى الحِرْز، فيدَّعي السارقُ ملكَ المال المسروق، فإن قلنا بالنصِّ، سقط القطعُ بمجرَّد الدعوى، وإن قلنا بالتخريج، لم يُقطع حتَّى يحلف صاحبُ اليد.
الثانية: أن تكونَ قد شهدت بأنَّ الحِرْزَ والمالَ المسروق ملكٌ لصاحب