فإن علمنا أنَّها تصيبُ المسلمين، لم يجز نصبُها، وإن غلب على الظنِّ أنَّها لا تصيبهم؛ لتمكُّنهم من الاحتراز، ففي نصب المنجنيق قولان، وإن تترسوا بهم، فإن لم يقاتلوا، أو أمكن قتلُهم من غير إصابة المسلمين، فُعل ذلك بالسيف والسِّنان وغيرهما, ولا يجوزُ بالرمي؛ إذ لا يُوثَق به، وربما أصاب المسلم.
وإن قاتلوا وعَلم قِرْنُ المتترِّس أنّه يُقتل إن لم يقتل الترسَ، لم يجز له قتلُ الترس، فإن قتله، ففيه وفي المسلم إذا أكرهه حربيٌّ على قتل مسلم طريقان:
إحداهما: يجب القصاصُ اتِّفاقًا.
وأصحُّهما: التخريجُ على القولين في المكْرَه؛ هذا إذا لم يلتق الزحفان، فإن التقى الصفان، ولم يمكن المقاومةُ إلَّا بإصابة الترس، ففي جوازها للعراقيِّين وجهان خصَّهما الإِمام بأن يُخافَ اصطلام الجند، وأن يختلَّ باصطلامهم ركنٌ عظيم؛ فإن حفظَ الكلِّيات أولى من حفظ الجزئيَّات، فإن كان الغزاةُ محصورين؛ لا ينخرم باصطلامهم ركنٌ عظيم، لم يجز قصد الترسة.
* * *
٣٥٩٧ - فصل فيمن أصاب مسلمًا في صف الكفَّار
إذا رمى إلى الصفِّ، فأصاب مسلمًا؛ فإن لم يعلم أنَّ فيهم مسلمًا, ولم يقصده بالرمي، وجبت الكفَّارةُ وحدها، وإن علم فيهم مسلمًا، فقصده على ظنِّ أنَّه كافرٌ، وجبت الكفَّارة والدِّية اتِّفاقًا، وإن وُجد العلمُ دون القصد، أو