بردِّ الشهادة، فإن غلب على الظنِّ أنَّ رجلًا يودُّ لآخر كلَّ سوء، ويتمنَّى له كلَّ شرٍّ بحيث يحزن بما يسرُّه، ويشمت بما يسوءُه، وكان ذلك لعداوة جِبلِّيَّة، أو مرتَّبة على سبب لا إثمَ فيه، رُدَّت شهادتُه على عدوِّه، وقُبلت على غير العدوِّ؛ فإنَّ العدالةَ لا تبطل بمثل ذلك.
ولو شهد المخاصِمُ على المخاصَم، ردَّت شهادتُه بإجماع العلماء؛ لأنَّ الخصومةَ توجب العداوةَ في وضع الجِبلَّة، وتُقبل شهادةُ المخاصَم على المخاصِم؛ لئلَّا يُتَّخذ الخصامُ ذريعةً إلى إبطال الشهادات.
ولا خلاف في قَبول شهادة الصديق لصديقه؛ فإنَّ العدل لا يحبُّ لصديقه إلَّا ما يحب لنفسه.
ولا تُقَبل شهادةُ الزوج مع ثلاثة على زوجته بالزنا، فإنَّ زناها سببٌ لعداوته، وإيغار صدره.
* * *
٣٩٦٩ - فصل في الشهادة للوالِدِين والمولودِين
إذا كان بين اثنين قرابةٌ توجب النفقةَ بتقدير إعسار أحدهما ويسار الآخر، فشهد أحدُهما للآخر، لم تُقبل في أصحِّ القولين، وإن شهد عليه قُبلت، وأبعد مَنْ ردَّ شهادةَ الولد على الوالد بأسباب العقوبات.
وإن شهد أحدُ الزوجين على الآخر قُبل، وإن شهد له، فأقوال، ثالثها: تُقبل شهادةُ الزوج، وتُردُّ شهادةُ الزوجة؛ لاستحقاقها النفقةَ.