إِلا العلومُ بصفات المنويِّ، ويقدم حضورها (١) مع آخرِ التكبير، وتُقرن النيَّة بآخر التكبير، فحمل الخلاف على أنَّ النيَّة تقع في أوَّل التكبير أو في آخره، أو يتخيَّر بين الأمرين، والتقديمُ والبسطُ للعلوم دون النيَّة، والذي ذكره بعيدٌ في الفقه والتحقيق؛ أمَّا من جهة الفقه: فلأنَّه على قول البسط يجوز خُلوُّ أول التكبير عن النيّة، ومن شأن النيّة أن تُقرن بأول العبادة، وليس له أن يحكمَ بعطف حكم النيَّه على أول العبادة، كما في صوم التطوع على وجه؛ لأن الصومَ استُثني لحاجة لا تحقُّقَ لها هاهنا، وظاهر كلام الشافعيِّ يُشعرُ ببسط النيَّة؛ إِذ قال: ينوي مع التكبير، لا قبله، ولا بعده.
ومن أين له أنَّ الفقهاءَ على كثرتهم واختلاف قرائحِهم لم يتفطَّنوا لحقيقة النيَّة.
وأمَّا من جهة التحقيق: فلا مانعَ من بسط النيَّة إِلا كونُها عَرَضًا فردًا، والعَرَضُ الفردُ لا يتصوَّر بسطه، وذلك لازمٌ له في أنواع العلم والذِّكر؛ لأنها أعراضٌ لا يمكن بسطُ الفرد منها؛ فإن عنى ببسط العلوم تواليَ الأمثال، فذلك جوابُنا في بسط النية؛ إِذ لا معنى لبسط العَرَض واستمرارِه إِلا توالي أمثاله.
[٢٨٧ - التفريع]
إِذا أوجبنا التقديمَ، فهل يجب استدامةُ النيَّة إِلى فراغ التكبير؟ فيه وجهان، وتأوَّل الإِمامُ استدامتَها باستدامة ذكرِها، وذكرُها أن يعلم أنَّها وقعت، وإِنَّما شَرَطنا التقديمَ؛ بناءً على العادة، ولو تُصوِّر اقترانُ العلم والنيَّة بأوَّلِ التكبير لأجزأه، وعلى قول البسط: لو فرغ التكبيرُ قبل تمام النيَّة