ردَّه لم يضمن النقص، خلافًا لأبي ثور، وإِن كان لمثله أجرة ضمن أجرةَ مثله سواءٌ استوفَى منافعه أو فاتت عنده، فإِن كان له صنائع ضمن أغلاها أجرةً، ولا تُضمن منافع البضع باليد اتِّفاقًا، وإِن تلف بعض أجزائه ردَّ الباقي وضمن التالف بالأقصى، فلو غصب ثوبًا قيمته عشرة، فنَقَصه البِلى خمسةً، ثم بلغت قيمة البالي عشرةً، والسالمِ عشرين، لزمه ردُّ البالي مع خمسة، ومَن أوجَبَ عشرة فقد غلط؛ إِذ لا نظر إِلى زيادة السعر بعد التلف.
وإِن فاتت صفات المغصوب؛ فإِن اختلف جنسها ضمن الجميعَ اتِّفاقًا، وإِن اتَّفق فوجهان، فإِذا سمن العبد عند الغاصب، أو تعلَّم صنعة، أو غصبه وهو سمين صانع، فهزل ونسي الصنعة، ردَّه مع الأرش، وإِن تكرَّر الهزال تكرَّر أرشه على أظهر الوجهين، وفي تكرُّر نسيان الصنعة وجهان مرتَّبان، وأَولى بألا يتكرَّر؛ لأنَّ العائد هو الأوَّل؛ فإِن منعنا التكرُّر؛ فإِن ردَّه سمينًا أو صانعًا فلا شيء عليه، وإِن ردَّه هزيلًا أو أخرقَ لم يضمن إِلا مرّة واحدة، فإِن غصبه سمينًا، فهزل وتعلم صناعة، لم يُجبَر الهُزال بالصنعة.
ولو صاغ النقرة أو اتَّخذ من الزجاج قدحًا، ثمَّ كسرهما، لزمه الأرش؛ فإِن ردَّه إِلى غير الهيئة الأولى لم يسقط الأرش، وإِن ردَّه إِلى الهيئة الأولى فوجهان.
ولو غصب عصيرًا فتخمَّر، لزمه مثل العصير، فإِن انقلب عنده خلًّا ردَّ الخلَّ، وهل يردُّ معه مثل العصير؟ فيه وجهان؛ فإِن قلنا: لا يلزمه، فكانت قيمة الخلِّ كقيمة العصير، لم يضمن شيئًا آخر.