وفي نظيره في العارية خلاف، وأشار في "التقريب" إِلى إِجراء الخلاف في ثبوت الأجرة للشفيع، واستبعد المزنيُّ والإِمام تصوير هذه المسألة من جهةِ أنَّ القسمة إِذا صحَّت فينبغي أن تبطل الشفعة؛ لأنَّه لو أخذ لأخذ ملكًا مجاورًا، ولا شفعة لجار، ولأنَّ علَّة الشفعة دفعُ ضرر المداخلة أو مؤونة القسمة، وقد انتفيا بالمقاسمة، وإِن فسدت القسمة فينبغي أن نقلع الغرس، فإِن القسمة غير مصرِّحة بالإِذن فيه، بخلاف العارية، وينبغي إِذا صحَّت القسمة أن تُخرَّج الشفعة على القولين في بيع الشفيع نصيبَه قبل العلم بالشفعة، وقد صوَّر الأصحاب لصحَّة القسمة مع بقاء الشفعة صورًا:
الأولى: أن يُخْبَرَ الشفيعُ بالشراء بثمن، فيرغب عن الشفعة، فيقاسمه المشتري، ثمَّ يظهر أن الثمن أقلُّ ممَّا أُخبر به.
الثانية: أن يخبره بأنَّه اتَّهب الشقص، فيقاسمه اعتمادًا على قوله، ثمَّ يظهر كذبه.
الثالثة: أن يوكِّل مَن يقاسم الشريك، ومن يشتري منه، فيقاسمه الوكيل في غيبة الموكِّل. ولو وكَّل في القسمة بعد العلم بالشفعة بطلت شفعته، وإِن علَّق العفوَ عن الشفعة على الشراء لم ينفذ عفوه.
الرابعة: أن يرفع المشتري الأمر إِلى الحاكم، ويطلب القسمة، فينصب الحاكم من يقسم عن الغائب، وليس للحاكم أن يأخذ بالشفعة لغائبٍ، كما لا يستحدِثُ له مِلْكًا.
الخامسة: أن يوكِّل المشتري البائعَ في القسمة، فيقاسِم البائعُ الشفيعَ على جهلٍ بثبوت الشفعة، فيصحُّ الاقتسامُ في هذه الصور، ولا تَبطل الشفعة؛