لجواز استثناء الكثير من القليل؛ فإنه لو أوصى بعشرة إلا تسعةً، كانت الوصيَّة بدرهم، فالوصيَّة والإقرارُ محمولان عند الشافعيِّ على القليل، ولا عبرة بالعرف في ذلك؛ فإنَّه لو أقرَّ بمالٍ عظيم، وفسَّره بحبَّةٍ فما دونها، قُبل منه.
ولو قال: أوصيتُ لفلان بأقلَّ من مئة دينار، فقد نقل صاحب "التقريب" عن الشافعيّ: أنَّ الوصيَّة بتسعة وتسعين، وقياسُ الشافعيّ: القطعُ بأنَّ الوصيَّة بأقلِّ ما يُتمَوَّل، فإنَّ القيراط أقلُّ من مئة دينار في الإطلاق، ثم حطُّ دينار من المئة تحكُّم لا أصل له، فلا يليقُ بمذهب الشافعيّ.
وإن قال: أوصيتُ بالثلث إلا كثيرًا، أو: إلا شيئًا كثيرًا، أو قَصَدَ ما يزيد على نصف الثلث، جاز، ولا وقوفَ بعد مجاوزة النصف في الاستثناء، فيُحمل الموصَى به على أقلِّ ما يُتموَّل.
وإن قال: أوصيتُ بأكثرِ مالي، فالوصيَّة بالنصف وأدنى زيادة.
وإن قال: بأكثر مالي وبمثل نصفه، فالوصيَّةُ بثلاثة أرباع المال وأدنى زيادةٍ.
وإن قال: بأكثر من مالي، فالوصيةُ بجميع ماله، والزيادةُ لاغية.
وإن قال: له عليَّ مال كثير، أو: عظيم، قُبل فيه أقلُّ ما يُتموَّل، فإن أضاف الكثرة إلى مقدار، مثل أن قال: له عليَّ أكثرُ من ألف درهم، لزمه الألفُ وزيادةٌ، وإن قال: أعظم من ألفٍ، فالوجه حملُه على أقلِّ القليل؛ لأنَّه يُشْعِرُ بعِظَم الرتبة، بخلاف الكثرة، فإنَّها تُشعر بزيادة العدد.