فإن طلبت المرأة الإنكاح من السلطان، فقد قال الشافعيُّ: لا يزوِّجها السلطان حتَّى يَشهد شاهدان بنفي العِدَّة، والنكاح، والوليِّ الحاضرِ، وهل يُستحبُّ ذلك، أو يجب؟ فيه وجهان:
أحدهما: يُستحبُّ؛ لأنَّ الاعتماد في العقود على أقوال أربابها، فمن باع ما في يده لم يبحث الحاكم عن ملكه.
والثاني: يجب؛ احتياطًا للأبضاع، ولكنَّه يَبطل بتزويج الرجل جاريةً في يده، فإن أوجبناه فالاحتياطُ فيه كالاحتياط في حصر الورثة والإعسار، فلا يشهد به إلا من يَخْبَرُ بواطن المرأة، وإن قلنا: يُستحبُّ، فتركَه، فقد أساء، ويصحُّ الإنكاح.
وإن طَلَبت المبادرة إلى ذلك؛ فإن أوجبنا البحث لم يُجِبْها إلى البِدار، وإن استحببناه ففي البِدَارِ خلافٌ بين أهل الأصول.
فإن كانت الطالبة بكرًا مجبَرةً، فجوَّز الحاكم أن يكون وليُّها قد زوَّجها في الغيبة، ففيه هذا التفصيلُ والخلاف، فإن طالت الغيبةُ وعسُر البحث فالظاهر: وجوبُ إجابتها.
وإن كانت ممَّن لا يُجبَر، وادَّعت أنَّها لم تأذن لوليِّها الغائبِ في التزويج، فالقولُ قولها, وللسلطان تحليفُها، وكلُّ يمين يَحتاط بها السلطان، ولا تتعلَّق بالدعوى، فهل تجب أو تُستحبُّ؟ فيه وجهان.
ولو أشرف مالُ الغائب على الضَّياع، وعَسُرتِ المراجعةُ، فللسلطان بيعُه وإن جوز أن يكون الغائبُ قد باعه من آخَر؛ لأنَّ الاحتياط للمشتري