للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد صرح أصحابنا بمثل هذا الترجيح في مواضع لا تنحصر" (١).

وأوّلُ من جمع بين طريقتَيْ العراق وخراسان الإِمام أبو علي السِّنْجِيُّ: الحسين بن شعيب بن محمد (ت: ٤٣٠ هـ)؛ قاله تاج الدين السُّبكيّ في أوّل ترجمته (٢).

وقال أيضًا عن الفوراني (ت: ٤٦١ هـ) عبد الرحمن بن محمد بن أحمد: إنه ذكر في خطبة الإبانة أنَّه بَيَّن الأصحَّ من الأقوال والوجوه، قال التاج السُّبكيّ: وهو من أقدم المبتدئين لهذا الأمر (٣).

وهكذا انتهى فقه الشافعيّ إلى هاتين الطريقتين، وأصبحت الكتب المعتبرة لا تعدوهما، فمتى اتفقت الطائفتان على فرع من الفروع، كان هذا القول المعتمد في المذهب.

ثمّ ظهر بعد ذلك عدد من العلماء ممّن لم يتقيّدوا بالنقل عن مدرسة واحدة منها، بل نقلوا عن هذه وتلك، مثل الرُّوياني (ت: ٥٠٢ هـ) صاحب "البحر"، وأبي بكر محمد بن أحمد الشاشي (ت: ٥٠٧ هـ)، صاحب كتاب


(١) "المجموع" (١/ ٦٩).
(٢) "طبقات الشافعية الكبرى" (٤/ ٣٤٤).
(٣) قال ابن السُّبكيّ في "طبقات الشافعية الكبرى" (٥/ ١١٠): "وكان كثير النقل، والناس يعجبون من كثرة حط إمام الحرمين عليه، وقوله في مواضع من النهاية: إن الرجل غير موثوق بنقله. والذي أقطع به أنَّ الإِمام لم يرد تضعيفه في النقل من قبلِ كذبٍ؛ معاذ الله، وإنما الإِمام كان رجلًا محققًا مدققًا، يغلب بعقله على نقله، وكان الفوراني رجلًا نقَّالًا، فكان الإِمام يشير إلى استضعاف تفقهه، فعنده أنه ربما أتي من سوء الفهم في بعض المسائل، هذا أقصى ما لعل الإِمام يقوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>