فإنَّهما لا يجتمعان على حاكمٍ واحدٍ، فيستمرُّ خصامهما في دار الإسلام.
ولو اتَّحدت الملَّة، ولم يكن لهم حاكمٌ ببلد الخصام، أو كان وامتنع أحدهما من التحاكم إليه، فينبغي أن يُلحق باختلاف الملَّة.
وأمَّا أهل العهد؛ فإن اتَّحدت ملَّتهم لم يجب الحكمُ اتّفاقًا؛ لأنَّا التزمنا الكفَّ عنهم دون الذبِّ والسياسة، وإن اختلفت ملَّتهم فقد قيل: يُلحق باختلاف ملَّة الذمِّيّين، ورتَّب آخرون الخلاف، وقالوا: إن أوجبنا الحكم عند اختلاف ملَّة الذمِّيّين قولًا واحدًا ففي المعاهَدين قولان، وقطع الأمام بأنَّه لا يجب.
وإن كان خصم المعاهَدِ مسلمًا وجب الحكم اتّفاقًا، وإن كان ذمِّيًّا فقد رتبه الأصحاب على تحاكم الذمِّيّين، فإن لم نوجبه بين الذمِّيّين فالذمِّيُّ مع المعاهد أولى، ولا وجه للترتيب عند الإمام؛ فإنَّا إذا أوجبنا الحكم على الذمِّيّ لم ننظر إلى خصمه كالمسلم، وإن لم نوجبه فلا فرق بين المعاهد والذمِّيّ.
وإن ترافعوا إلينا في عقود المعاملات حكمنا فيما لهم وعليهم بأحكام الإسلام، ولا نتعرَّض لِمَا انفصل في الشرك، كالتقابض، ولا يُستثنى من ذلك إلا النكاح؛ فإن اقترن بالعقد مفسدٌ؛ فإن انقضى المفسدُ قبل الإسلام نفَّذنا العقد، وإن اقترن بالإسلام أفسدناه.
وإن طلبت المجوسيَّةُ النفقة من زوجها اليهوديِّ؛ فإن قلنا: لا تحلُّ لأحد، وهو الأصحُّ، فلا نفقة لها، وإن أحللناها للكتابيِّ فُرضت نفقتها.
وإن نكح المجوسيَّ مَحْرمةً، فترافعوا إلينا، ورُضوا بحكمنا في التفريق،