للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وربّما كان بعضُهم آثَر عند الناثر من البعض، وقال الشافعيّ: الأولى: ألا يُنثر.

قال الإمام: لا تبعد كراهيتُه؛ لتأديته إلى المكروه (١)، وقد يُباح إذا لم يؤثَر بعضُهم على بعضٍ، والحاضرون سواءٌ فيما سقط على الأرض، فمن أخذ منه شيئًا بيده، أو بسط حِجْرَه لذلك فوقع فيه مَلَكَه، فإن سُلب منه فالسالبُ غاصبٌ؛ لأنَّ المِلْكَ قد حصل بمجرَّد إثبات اليد، وإن لم يبسط حجره لذلك، جاز أخذُ ما وقع في حجره إن لم يرغب فيه، وإن رغب فوجهان، كما لو عشعش طائرٌ في دار إنسانٍ، وإن سقط من حجره؛ فإن لم يبسط حجره لذلك مَلَكَه مَن ابتدره، وإن كان راغبًا فيه، كما لو طار الطائر من داره مع رغبته فيه، وإن كان بسط حِجْرَه لذلك لم يَزُلْ مِلْكُه على أظهر الوجهين.

ولو نصب شبكةً في طريق الصيد، فوقع فيها، ثم أفلت، ففي زوال الملك الوجهان، ولو أخذه آخذٌ قبل الإفلات لم يملكه.

وإذا نُثر الجوز أو اللوز، أو قُدِّم الطعامُ للضيف، لم يفتقر إلى لفظٍ على المذهب، بل يُكتفى في ذلك بقرائن الحال، وأبعدَ مَن شرط لفظًا دالًّا على الغرض، كقوله: كلوا، أو: خذوا، ولا يُشترط في ذلك تمليكٌ،


(١) كذا ذكر، والذي في "نهاية المطلب" (١٣/ ١٩٢): "وعندي أن الأمر في ذلك لا ينتهي إلى الكراهة، ومَن لم يكن ذا حط من الأصول قد لا يفصل بين نفي الاستحباب، وإثبات الكراهة، وليس كذلك، ولفظ الشافعي مشعر بالتهيب وحطِّ الأمر عن رتبة الكراهية، فإنه قال: لو ترك كان أحب إلي".

<<  <  ج: ص:  >  >>