وهذا باطلٌ، ويجب القطع بأنَّه لا يقع سوى الأولى؛ فإنَّها بانت بها، كما لو قال لغير الممسوسة: أنت طالقٌ وطالقٌ؛ لأنَّ ألفاظ الإنشاء مترتِّبةٌ، فيستحيل أن يتقدَّم حكمُ الطلقة الثانية والثالثة عليهما، بخلافِ دخولِ الدار؛ فإنَّه أول وقتِ الوقوع، فوقعت فيه الطلقتان معًا.
ثم لا وجه للتحالف؛ فإنَّه لا يجري إلا في صفة العقد، أو صفةِ عِوَضِه، فينبغي أن يجب ثلثُ الألف؛ لاتِّفاقهما عليه، ثم يحلِّفها على نفي العلم.
ومن الإشكال أنَّه لم ينشئ الطلاق، بل أقرَّ به، فيُحتمل أن يُخرَّج على أنَّ مَن مَلَكَ الإنشاء فقد يُجعل إقرارُه كإنشائه مع ما فيه من الاشكال.
فيُمْكِنُ أن يُحمل هذا النصُّ على زللٍ في النقل، أو خطأ في بعض النُّسخ، وهو منقولٌ عن "الأمّ"، وكلُّ ما يضاف إليها، فهو من الأقوال القديمة (١).
والحقُّ في ذلك أن يقال: إن قال الزوج: لم أطلِّقك، ولكنَّي أطلِّق الآن، فطلَّق ثلاثًا مع اتِّصال الزمان، فالوجه: القطعُ بوجوب المسمَّى، ووقوعِ الثلاث، ولها تحليفُه أنَّه لم يطلِّقها سوى واحدةٍ في جواب السؤال؛
(١) ذكر محقق "نهاية المطلب" (١٣/ ٤٦٩) هنا توضيحًا نفيسًا، فقال: "قول إمام الحرمين هنا: "كل ما يضاف إلى "الأم" فهو من الأقوال القديمة" مخالف للمشهور المعروف من أن "الأم" الذي بأيدينا من عمل الشافعي بمصر، ويبدو أن أسماء كتب الإمام كانت تتداخل، فكتابه البغدادي: "الحجة" هو القديم بيقين، وكان يسمى: "المبسوط"، وكتاب "الأم" أيضًا يسمى "المبسوط"، فمن مثل هذا كان التداخل ... "، وينظر تتمة كلامه ثمة.