الأولى: أنَّه التخويفُ بعقوبةٍ تَنال بدنَه عاجلًا لا طاقة له بها، كالقتل، وقطعِ الطرَف، والضربِ بالسياط، والتجويعِ، والتعطيشِ، وتخليدِ الحبس، فإن هُدِّد بإيقاع شيءٍ من ذلك في الغد، أو باتلاف المال، أو قتلِ الولد، أو بالصَّفع في السوق، والمكرَهُ من ذوي المروءات، فليس بإكراه.
الثانية: التخويفُ بما يوجِبُ مثلُه القصاصَ، ولا يختلف الإكراه باختلاف ما يُطلب منه؛ من قتل، أو بيعٍ، أو طلاقٍ، أو عتقٍ، أو غيرِ ذلك من التصرُّفات، فإن خُوِّف بتخليد الحبس، فليس بإكراه إلّا أن يكون في قعرِ بئرٍ يغلبُ الموتُ منه.
الثالثة: يختلف الإكراه باختلاف المطلوب، فالقتلُ والقطعُ إكراهٌ على القتل، وإتلافُ المال إكراهٌ على إتلاف المال دون القتل والقطع.
الرابعة: فيه وجهان:
أحدهما: أن يُخوَّف بما لا تحتملُه نفسُه.
والثاني: يختلف باختلاف عادة الناس، فصفعةُ الشريف على ملأ من الناس إكراهٌ، وفي إتلافِ المالِ وقتلِ الولد وجهان.
الخامسة: إن كان المطلوبُ أقلَّ عند العقلاء ممَّا خوِّف به فهو إكراهٌ، كمَن أُكره على الطلاق بضربٍ مبرِّحٍ، أو حبسٍ طويلٍ، أو غضٍّ ظاهرٍ من المروءة، فالإكراهُ على الطلاق دون الإكراه على القتل، فيكونُ تخليد الحبس إكراهًا على الطلاق والعتاق دون القتل، وإن كان المطلوبُ أعظم في النفوس ممَّا خُوِّف به فليس بإكراهٍ.