للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قذف الزوجات، فإنَّ القذف يَثبتُ بالكناية مع النيَّة، فإنْ تنازَعا في النيَّة فالقولُ قولُه مع يمينه، فإن كان قد نوى لَزِمَه الاعترافُ، ولم يحِلَّ له الحَلِفُ، ولو نوى ولم يطالَب: فهل يلزمُه تعريفٌ للمقذوف كما يلزمُه التعريفُ بالقصاص؟ قال الإمام: لا يلزمُه؛ فإنَّ القذف بالكناية ليس بإنشاءٍ ولا إتلافٍ حتى يثبت حكمُه في الباطن، وإنَّما هو إيذاءٌ بالنسبة إلى فاحشةٍ، فإنْ حصل بلفظ الكناية فلا حاجة إلى النيّة، وإن لم يحصل فالنيّةُ لا تزيد في تأذِّي المقذوف، ودلَّ كلام الأصحاب على أنَّ الحدَّ يثبت في الباطن، ويلزمه تعريف المقذوف.

الثانية: أن يقول: أردتُ بذلك أنَّه لا يشبهني خَلْقًا ولا خُلُقًا، فالنصُّ أنَّه يُقبل، ولو ذكر ذلك لأجنبيٍّ معروفِ النسب، وفسَّره بمثل ذلك، لم يُقبل، ويجب الحدُّ، فقيل: قولان بالنقل والتخريج أصحُّهما القبول، وفرَّق بعضهم بأنَّ ذلك من الأب محمولٌ على التأديب، بخلاف الأجنبيِّ.

فإن قَبِلْنا من الأب حلف، فإنْ حلف عُزِّر، وإن نكل رُدَّت اليمين عليها، فإن نكلت كان نكولُها كحَلِفه، وإن حلفت ثبت القذفُ والحدُّ، وله أن يلاعن عند الأصحاب.

وقال الإمام: إنْ جدَّد قذفًا آخر لاعَنَ، وإن لم يجدِّده كان كمن أنكر القذف، فقامت به البيِّنةُ، فأراد أن يلاعن من غيرِ قذفٍ جديد، فإن منعنا الحدَّ واللِّعان، فالوجهُ ألا يلاعن لدفع التعزير، فإنَّ تعزير الكناية يجبُ لِمَا فيها من الأذى، واللعانُ لا يتعلَّق بكلِّ أذّى، وإنَّما يتعلَّق بعقوبة النسبة إلى الزنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>