بعد أن وطئ في وقتٍ عَيَّنَه، فأنكرت، فينبغي أن يُرجَعَ إلى قولها، وفي كلامهم ما يدلُّ على أنَّ القول قولُه، وإذا قبلنا قولَه فلها تحليفُه؛ لإثبات أمّيَّة الولد، وفي كيفية يمينه وجهان:
أحدهما: يحلف لقد استبرأها بعد الوطء، وما وطئها بعد الاستبراء حتى ولدت.
والثاني: يحلف كذلك، ويزيد عليه: وليس الولد منِّي، فلا ينبغي إلا بذلك.
فإن مات قبل أن يحلف فالوجهُ إثبات النسب؛ فإنَّه أقرَّ بما يثبته، ولم يؤكِّد المعارِضُ بيمينه، وعلى هذا ينتفي النسبُ إذا حلف من غير طلبها؛ لأنَّ للولد حقًّا في النسب.
ولو لم يعترف بالوطء، فادَّعت به، وطلبت تحليفَه، لم يكن لها ذلك، خلافا للقاضي؛ فإنَّ النسب بعد الإقرار بالوطء لا ينتفي إلا بالحلف، بخلاف إنكاره لأصلِ الوطء، ولا يجوزُ أن يُختلف في التحليف لأمّيَّة الولد.
ومتى ألحقنا ولد الأمة تَثبت أمّيَّة الولد؛ فإنْ أتت بعد ذلك بأولاد؛ فإن كانوا من ذلك البطن لحقوا، وإن كانوا من بطنٍ آخر، فوجهان مأخوذان من القولين فيمَن زوَّج أمَّ ولده، فطُلِّقت بعد الدخول، وانقضت العدَّةُ، ففي عود الفراش قولان.
فإن قلنا: يلحقون، لم يَنْتفوا بدعوى الاستبراء؛ فإنَّ ولادة الأول أقوى من الاستبراء، وأبعدَ مَن نفاهم بذلك، وعلى الأصحِّ: لا ينتفون إلا باللعان على القول القديم بكون الاستبراء هاهنا بمثابة الاستبراء في النكاح.