كانتا فقيرتين أُنفِق عليهما من بيت المال، وتستقلُّ البالغةُ بالطلب، ولا اعتراضَ عليها لأحدٍ، فسخت أو أقامت، وللأمة الفسخُ وإنْ كره السيِّدُ، وبَذَلَ لها النفقةَ، ولا يصحُّ إبراؤها عن النفقة اتِّفاقًا، ولا يثبت الفسخ للسيِّد، وذكر أبو علي في فسخ السيِّدِ نكاحَ الأمةِ الصغيرة والمجنونة وجهين، وفي البالغة إذا امتنعت من الفسخ وجهين مرتَّبين، وإذا أثبتنا الفسخ بتعذُّر الصداق استقلَّ به السيِّد اتِّفاقًا.
ثم قال الإمام: نفقةُ الأمة مِلكٌ للسيِّد، وله إبدالُها، ولها حقُّ التعلُّق بها حتى يُبدِلَها، كما يملك منافع العبد وأكسابَه وإن تعلَّقت بها حقوقُ النكاح، ولا ينفذ إبراؤه من النفقة؛ لتعلُّق حقِّها بها، ولو أنفق من ماله فله أخذُها، ولو غاب السيِّد أنفق الزوج عليها من غير تمليكٍ لها؛ لإذنِ الشرع له في ذلك.
وللسيِّد أن يسافر بالعبد الناكح عند المعظَم وإن لم يضمن حقوقَ النكاح؛ إذ لا يثبت لزوجته التوثُّقُ بمنافعه، بخلافِ توثُّقِ الأمة بالنفقة كأنَّها عينٌ حاضرةٌ قابلةٌ للتوثُّق.
ولو تبرَّع أجنبيٌّ بالنفقة على امرأة المعسر لم يسقط الفسخُ، فإن دفعها إلى الزوج سقط الفسخُ؛ لاختصاص المِنَّة به، وإنْ أَعْسرَ العبدُ فدفع السيِّدُ نفقته ففي الفسخ تردُّدٌ ظاهر؛ لمِلْكه لمنافعه، ولو أراد أن يستخدمَه ويؤدِّيَ النفقة من ماله لجاز، وإن دفع النفقةَ للأمة فظاهرُ كلامهم أنَّ الفسخ لا يسقط بذلك، ويُحتمل أن يسقط؛ لأنَّه يملك رقبتَها ونفقتَها، فلم يكن متبرِّعًا.