قليلًا بحيث يكونُ بمرأًى من الموكِّل ومسمعٍ، فعفا، فلم يسمع الوكيلُ العفوَ وقَتَلَ الجانيَ، فإن وقع القتلُ قبل العفو لم يصحَّ العفو، وإن شككنا: هل وقع قبل العفو أو بعده؟ حصل القصاصُ اتِّفاقًا، وإن وقع القتلُ بعد العفو لم يقتصَّ من الوكيل.
فإن ادَّعى عليه العلمَ بالعفو، حلف على نفي العلم به، وفي وجوب الدية على الوكيل قولان بناهما بعضُهم على القولين في انعزال الوكيل قبل بلوغ الخبر بالعزل، وقال: إن قلنا: لا ينعزل، وقع القتلُ قصاصًا. وبناهما آخرون على القولين فيمن تعمَّد قتل رجل في صفِّ الكفار فظهر أنه مسلمٌ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما معذورٌ عامدٌ، وهذه الطريقةُ أمثلُ، فإنَّ تصرُّفَ الموكِّل يتضمَّنُ عزل الوكيل؛ كما لو وكلَّه في بيع عبدٍ، ثم باعه الموكِّل أو أعتقه، فالعفوُ هاهنا بمثابة الإعتاق.
ويمكن أيضًا أن يفرَّق بين الوكيل والرامي إلى صف الكفار: بأنَّ الوكيل مقصِّرٌ بتنحِّيه عن الموكِّل بخلافِ الرامي إلى الكفار.
فإنْ أوجبنا الديةَ فهي مغلَّظةٌ كشِبْهِ العمد، وهي على الوكيل أو على عاقلته؟ فيه قولان يجريان في كلِّ عمدٍ في شخصٍ معيَّنٍ يظنُّ القاتل فيه الاستحقاقَ.
فإنْ جُعلت على الوكيل فهي حالَّةٌ أو مؤجَّلة؟ فيه وجهان، فإن أوجبناها عليه أو على العاقلة فغرمت، ففي الرجوع بها على الموكِّل طريقان:
إحداهما: التخريجُ على الخلاف في تقديم الطعام المغصوب.