وإن اقترض بعضُهم من بعض شيئًا من ذلك الطعام، أو باعه، ففيه أوجه:
أحدها -وهو المذهب-: فسادُ البيع، والقرض؛ لأنَّهما بمثابة ضيفين تبادلا لُقْمةً بلقمة، فيصير المقترضُ كأنَّه أخذ الطعامَ بنفسه، فإذا رجع المقرِضُ إلى دار الإِسلام، رُدَّ الباقي إلى المغنم قولًا واحدًا؛ لأنَّه لم يأخذه لنفسه، وقيل: يُخرَّج على الخلاف في ردِّ ما أخذه لنفسه.
والثاني: يطالبه (١) به، أو بمثله من طعام المغنم ما داما في دار الحرب، فإن أكله، ولم يبقَ من طعام المغنم شيءٌ، فلا شيءَ عليه، فإنَّ اختصاصَ اليد لا يُقابَل بالمملوك؛ كما لو أتلف على إنسان كلبًا، أو زبلًا، فلا يضمنه بما يملك، فإذا اتَّصلا بدار الإِسلام، فأخذه الإمامُ، ردَّه على المغنم اتّفاقًا، فإن عَسُر ذلك؛ لقلَّة الطعام، وكثرةِ الجُنْد، رُدَّ على سهم المصالح، وأبعد مَنْ جعله فيئًا، فإن تلف في يد المقترض، فلا شيء عليه.
والثالث: يبطل البيعُ، ويصحُّ القرضُ على ما ذكر في الوجه الثاني، فإن قلنا: يصحُّ البيعُ، فباع صاعًا بصاعين، لم يطالب إلَّا بصاع واحد كأحد الضيفين إذا بذل للآخر لقمةً بلقمتين.
ولا يجوز التبسُّطُ في الأطعمة إلَّا في دار الحرب سواءٌ أمكن شراءُ الطعام من دار الحرب، أو تعذَّر، كما تثبت رخصُ السفر للمترفِّه وغيره، فإذا تعلَّق الجندُ بطرَفٍ من دار الإِسلام، وتمكَّنوا من شراء الطعام، لم يجز الابتداءُ بالتبسُّط إن كان الطرفُ عامرًا، وإن لم يكن عامرًا، فوجهان، وإن