لكنَّهم جَهِلوا لَذاذَةَ حُسْنِه ... وعَلِمْتُها ولِذا سَهِرتُ ونامُوا
لو يَعْلَمُون كما عَلِمْتُ حَقيقة ... جَنحوا إلى ذاك الجَناب وهامُوا
أو لو بَدَتْ أنوارُه لِعُيُونهمْ ... خَرُّوا ولم تثبُتْ لهم أقدامُ
فَبقيتُ أنْظُرُه بكلّ مُصوَّرٍ ... وبكلّ ملفوظٍ به استِعْجام
وأراه في صافي الجداول إنْ جَرَتْ ... وأراه إنْ جاد الرّياضَ غَمامُ
لم يَثْنِني عَمَّنْ أُحِبُّ ذوابِ ... سُمْرٌ وأبيضُ صارمٌ صَمْصَامُ
مولاي عزَّ الدين عزَّ بك العلا ... فَخْرًا فدونَ حِذاك منه الهامُ
لما رأينا منك علمًا لم يكنْ ... في الدَّرْس قلنا إنّه إلهام
جاوزتَ حدَّ المدحِ حتى لم يُطِقْ ... نظْمًا لِفَضْلِك في الوَرَى النَّظَّامُ
فَعَليْكَ يا عبدَ العزيزِ تحيَّة ... وعليك يا عبدَ العزيزِ سلامُ
وأنشد الأبيات كُلَّها للشيخ عزّ الدين في مجلس الدرس، وهو يستمع إليها، ولما قضاها قال له: "أنت إذًا فقيه شاعر" (١).
وعندما تولّى العزُّ القضاء بمصر حيث استمرّ على نهجه الأول الذي اتبعه في دمشق، من المجاهرة بالحق ومحاربة الفساد، فاتفق أن جاءه بعضُ أصحابه فلامه وعتب عليه، فرفع إليه رأسه وأنشده:
يا ذا الذي يُؤْلمُني عتْبُهُ ... أَنَسِيتَ ما قدَّر في الماضي
إنَّ الذي ساقك لي واعظًا ... هو الذي صيَّرني قاضِي
(١) "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السُّبكيّ (٨/ ٢٤٧).