ذلك، وإن أفرد الصفةَ بالنذر فيما يجب بأصل الشرع؛ كتطويل صلاة الفرض، والمشي في حجِّ الفرض، ففي وجوبه وجهان.
الرابع: المباحُ الذي يمكن أن يصيرَ قربةً بالقصد؛ كالأكل للتقوِّي على العبادة، والنوم للنشاط، وحضور القلب في التهجُّد، فلا يجب بالنذر اتِّفاقًا، ومَنْ نذر مباحًا؛ كدخول الدار، أو محرَّمًا؛ كذبح ولده، أو شرب الخمر، وصوم أيَّام الحيض؛ فإن جعلناه كنايةً في اليمين، لم تجب الكفَّارة حتَّى يحنث، وقال القاضي: إن نذر مباحًا، وجبت الكفَّارة، وإن نذر معصيةً، فوجهان، وأوجب الكفَّارةَ بنفس النذر من غير حِنْث.
الخامس: أن ينذرَ ما يؤدِّي إلى إبطال الرخص (١)؛ مثل أن ينذر الصومَ في المرض، أو السفر، أو إتمامَ الصلاة في السفر، أو القيامَ حيث يجوز له القعودُ، فلا يلزمه ذلك عند القاضي، وإن نذر الصلاةَ في الجماعة لزمه؛ لأنَّها صفة عبادة، وإن نذر النوافلَ الراتبة، لزمته على أظهر الوجهين، ولا يجب الانكفافُ بالنذر قطُّ، فمَنْ نذر تركَ مكروه، لم يلزمه تركُه.
السادس: أن ينذرَ ما هو فرضُ كفاية، فإن كان أداؤه مفتقرًا إلى مال، وركوب مشقَّة، وقطع شُقَّة؛ كالجهاد، وتجهيز الموتى، لزمه ذلك، وإن لم يتعلَّق به بذلُ مال؛ كالأمر بالمعروف، والصلاة على ميت، لزمه ذلك على الأظهر، ومن نذر الجهادَ في جهة معيَّنة، فجاهد في غيرها، ففي إجزائه أوجه: أحدُها: لا يجزئه.