أراد بالأسود أنه شديدُ الحُمْرة، وبالمحتدم اللذَّاع للبشرة بحدَّته، والبحراني الناصع، يقال: دم بحراني وباحري: إِذا لم يخالط لونهَ لونٌ آخر.
ودمُ الاستحاضة أصفرُ رقيق ضارب إِلى الشُّقْرة في الأغلب، ولا يعتبر في التمييز إلا لونُ الدم دون ما عداه من الصفات، فلو رأت عشرةً سوادًا؛ خمسةٌ منها على جميع الصفات، والخمسةُ الأخرى مجرَّدة عن باقي الصفات، فالجميعُ حيض، والأحمرُ بالنسبة إلى الأسود ضعيفٌ، وكذلك الأشقر بالنسبة إِلى الأحمر، فإِن رأت خمسة سوادًا وخمسةً سمرة، ثم استمرت الشقرة، فمنهم من ألحق الحُمْرةَ بالسواد، ومنهم من ذكر وجهين، فإن كان السوادُ خمسةً والحمرة أحدَ عشرَ، فهل تُرَدُّ إِلى السواد أو هي فاقدة للتمييز؟ فيه وجهان، وقيل: ترد إِلى السواد وجهًا واحدًا.
وإن ابتدأها الضعيفُ وتعقبه القويُّ، فلأحدهما قوةُ التقدُّم، وللآخر قوة اللون، فنجمعهما إن أمكن، أو نعتبر اللونَ خاصة، أو نجعلها فاقدةً للتمييز؟ فيه ثلاثة أوجه، فإذا رأت الضعيفَ خمسًا، والقويَّ عشرًا أو خمسًا، فيجمعان، أو يعتبر اللون وحده، أو تجعل فاقدة للتمييز؟ فيه الأوجه الثلاثة.
فإِن بلغ السوادُ أحدَ عشرَ، فهو حيضُها في وجه، وعلى وجه الجمعِ هي فاقدة للتمييز؛ لتعذر الجمع، وغلط من ردَّها إِلى الخمسة الأولى، فإن بلغ السواد ستةَ عشرَ، فقد فقدت التمييز، وقيل: ترد إلى الخمسة الأولى، وهو غلط.
= عائشة نحوه قالت: دم الحيض أحمر بحراني، ودم الاستحاضة كغسالة اللحم، وضَعَّفَه، والصفة المذكورة وقعت في كلام الشافعي في "الأم".