فإِذا صحَّ عنده، أذِن في قطعها، ثم يُؤخَذ عشرها إِن قلنا: القسمةُ إِفراز، وإن قلنا: إِنها بيع، ففيه طرق:
أحدها: البناء على بيع الرُّطَب الذي لا يتتمَّر بعضُه ببعض؛ فإِن أجزناه، أُخذ العشر بالقسمة، وإن منعناه، لم تجز القسمةُ على الأصحّ، فالوجه أن يُسلَّم الكلُّ إِلى الساعي؛ ليصيرَ بذلك قابضًا لحقّ الفقراء، ثمَّ يبيعه من المالك أو غيره، ولا يجوز للساعي بيعُها قبل قبضها وإِن قلنا بالمشاركة؛ إِذ يجوزُ للمالك الإِبدالُ، وسواء باعه من ربِّ المال أو شاركه في بيع الجميع من أجنبيٍّ؛ لأنَّ حقَّ الفقراء إِنَّما ينحصر ويتعيَّن بالقبض.
الطريقةُ الثالثة: تجويزُ القسمة للحاجة، وأجاز أصحابُ هذه الطريقة قسمةَ الأوقاف للحاجة، وإِن امتنع بيعُها؛ فإن أجزنا القسمةَ أو أَخْذَ البدل، فقد قال المحقِّقون: يلزم الساعي أخذُ الأغبط من العُشر أو القيمة.
وقيل: يتخيَّر المالكُ، ولا يلزمه رعايةُ الغِبْطة، كما في الجُبْران، وإِن أجزنا للمالك تزكيةَ الأموال الظاهرة، فهو كالساعي في رعاية الغِبْطة.
قال الإِمام: وفيما ذكره الأصحابُ في هذه المسألة نظر؛ لأنَّ أداءَ الزكاة ليس بقسمة إِلا على قول المشاركة، ولاسيَّما على قول الذمَّة.
قلت: وجهُ ما ذكره الأصحابُ أنَّ المِلكَ يحصل للفقراء مع القسمة؛ إِذ المعلولُ مع علَّته.