فخر الدين ابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام، قال فيه ابن السُّبكيّ: آخر من جُمع له العلم والعمل (١).
وُلد سنة (٥٥٠ هـ)، وتفقَّه بدمشق على الشيخ قطب الدين النَّيْسابوري، وسمع الحديث من عمَّيْه الإمامَيْن الحافظ الكبير أبي القاسم والصائن هبة الله، وجماعة، وحدَّث بمكة ودمشق والقدس.
روى عنه الحافظ زكي الدين البرزالي، وزين الدين خالد، وضياء الدين المقدسي وآخرون.
وله تصانيف في الفقه والحديث وغيرهما، وبه تخرَّج الإِمام العزُّ بن عبد السلام.
كان إمامًا صالحًا، قانتًا، عابدًا، زاهدًا، ورعًا، لا يخلو لسانه عن ذكر الله، منقطعًا إلى العلم والعبادة، قليل الرغبة في الدنيا، ثقةٌ، كثير التهجد، غزير الدمعة، كثير التواضع، قليل التعصب.
وكان يزجي أكثر أوقاته في نشر العلم، وكان مطَّرح التكلف، وعرضت عليه مناصب وولايات دينية فتركها.
وهو أحد الأئمة المبرزين بل واحدهم فضلا وكبيرهم قدرًا، شيخ الشافعية في وقته.
والظاهر أنّ مواقفَ العزّ بن عبد السلام مع السلاطين كانت متأثّرة بشيخه؛ إذ أُريد الفخر بن عساكر على القضاء فامتنع. وطلبه الملك العادل