فُصلت خصومته، ثم استُؤنفت خصومة صاحبه، فإِن تساوقا، وادَّعيا معًا، لم يمكِّنا من ذلك؛ فإِن تنازعا في البداية قُدِّم بالقرعة، والقول قول من يدَّعي عليه السبق مع يمينه من غير بتٍّ؛ فإِن حلفا تُركت الدار بأيديهما، وإِن نكل السابق حلف صاحبه، واستحقَّ، ثم لا تُسمع دعوى الناكل بعد ذلك.
فإِن أقام أحدهما بيِّنة حُكم له، وإِن أقاما بيِّنتين، فشهدتا بشرائهما في يوم واحد، فلا فائدة لهما؛ إِذ لا بيان فيهما؛ فإِن عيَّنتا وقتًا متَّحدًا قُبلتا، ولا شفعة لواحد منهما، وقيل: يتعارضان، وهذا لا يصحُّ؛ لأنَّ التعارض لا يثبت إِلا إِذا تعرَّضت البيِّنة لمقصود مقيمها، وإِن شهدت كلُّ واحدة منهما بالسبق تعارضتا، وسقطتا على الأصحِّ، فإِن قلنا: لا يسقطان، فهل يُقرع بينهما، أو تُوقف الشفعة؟ فيه قولان، ولا يجيء قول القسمة؛ إِذ لا فائدة فيه ها هنا.
الثاني: إِذا شهد شفيعان على عفو الثالث، فإِن شهدا بعد إِظهار العفو عن حقِّهما قُبلت شهادتهما، وإِن كانت شهادتهما قبل العفو لم تُقبل، فإِنْ عَفَوَا، ثمَّ أعاداها لم تُقبل.
الثالث: إِذا تصالحا بالشقص عن أرشِ شجَّةٍ ماليَّة، فإِن كان الأرش نقدًا معلومًا صحَّ الصلح، وأخذ الشفيع الشقص بأرش الشجَّة، وإِن كان من الإِبل؛ فإِنْ جَهِلا حكم الشرع في الوصف والسنِّ والقدْر والتغليظ والتخفيف، لم يصحَّ، وإِنْ عَلِما ذلك فوجهان؛ فإِن قلنا: يصحُّ، ففي ثبوت الشفعة لأجل الجهالة وجهان، فإِن أثبتناها أُخذ الشقص بقيمة ما يجزئ مثلُه في الديات.