ثلاثًا، لم يقع شيء؛ لأنَّه علَّق التفويض على أن تشاء واحدةً، ويُحتمل إيقاع واحدة؛ لاندراجها تحت مشيئة الثلاث، ولا يكفي في الصورتين أن تقول: شئتُ الطلاق، بل تقولُ: شئتُ واحدةً، أو: ثلاثًا، وطلَّقتُ نفسي؛ لأنَّ التفويض قد تعلَّق بمشيئة ذلك، فلا يتحقَّق بدونها.
وإِن قال: طلِّقي نفسك ثلاثًا إن شئتِ، أو: طلِّقي نفسك واحدةً إن شئتِ، فلا بدَّ من المشيئة، فإن شاءت ثلاثًا في تفويض الواحدة، أو واحدةً في تفويض الثلاث، وقعت واحدةٌ.
الثالث والعشرون: إذا كان البيتُ مملوءًا جوزًا، فقال: إن لم تُعرِّفيني عددَ هذا الجوز، أو: إن لم تذكري عدده، فأنت طالقٌ، برَّ بأن تذكر العدد المستيقَن، كعشرة آلاف مثلًا، ثم تزيد واحدةً واحدة إلى أن ينتهي إلى عددٍ يُعلم أنَّه لا يزيد عليه، واستبعد الإمام ذلك؛ لأنَّ المفهوم العرفيَّ خلافُه، وهو في قوله: إن لم تعرِّفيني، أبعدُ، إذ لم يحصل بقولها تعريفٌ.
وإِن قال: إِن لم تعدِّيه فأنت طالقٌ، فهل يبرُّ بما ذكرناه؟ فيه وجهان، فإن قلنا: لا يبرُّ، بدأت بالعدِّ من الواحدة إلى حصول اليقين، ولم يشترط أحدٌ أن تعدَّ بالفعل، وزعموا أنَّ العدَّ بمجرَّد اللسان كافٍ، وقال الإمام: إن أخذت تعدُّ وترمق كلَّ جوزةٍ فهو عدٌّ، وإِن هَذَتْ في جانب البيت بذكر العدِّ فليس بعدٍّ عرفًا.
الرابع والعشرون: إذا اختلط دراهمُهما، أو نوى تمرٍ أكلاه، فقال: إن لم تَمِيْزي دراهمي من دراهمك، أو: إن لم تَمِيْزي نوى ما أكلتُ من نوى ما أكلتِ، فأنت طالقٌ، برَّ بأن يفرِّق الجميعَ بحيث لا يلتصق منه اثنان،