وإذا ظهر النكولُ، فالمستحبُّ أن يعرضَ عليه اليمين ثلاثَ عرضات، فإن أصرَّ، حكم بنكوله، وردِّ اليمين، وإن حكم بالنكول في العرضة الأولى، جاز، ويُستحبُّ أن يعلمَه أنَّه يقضي بنكوله إن أصرَّ على الامتناع، فإن كان جاهلًا بردِّ اليمين، فحكم بنكوله لمَّا ظهر امتناعُه، ولم يعرِّفه بذلك، فالأوجهُ صحَّة الحكم بنكوله، وفيه احتمال.
هذا كلُّه إذا لم يصرِّح بالنكول وبالامتناع من اليمين، فإن صرَّح بذلك، فقال: لست أحلف، أو قال: نكلت، أو أنا ناكل، فلا حاجة إلى الحكم بنكوله عند الإمام.
وقال الأصحابُ: لا يُحكم بالنكول إلَّا إذا قال له: احلف، فامتنع، فإن قال: أتحلف؟ فامتنع، لم يحكم بنكوله، فإن ابتدر، فحلف، لم يُعتدَّ بيمينه؛ فإنَّ الاستفهامَ ليس باستحلاف، والأولى أن يقولَ: أتحلف؟ فإن قال: نعم، قال: قل: بالله، وإذا قال: نكلت، أو قال الحاكم: حكمت بنكولك، أو قال للمدَّعي: احلف، فأراد المدَّعى عليه أن يحلفَ، لم يكن له ذلك إن لم يرض المدَّعي، وإن رضي، فوجهان أظهرُهما الجوازُ.
ولو أقبل على المدَّعي هامًّا بتحليفه، وأراد المدَّعى عليه أن يحلفَ، فهل له ذلك؟ فيه وجهان.
وإن سكت المدَّعى عليه عن جواب الدعوى، قال له الحاكم: أجب، فلستَ بأصمَّ، ولا أبكمَ، فإن أصرَّ، جعله منكرًا، وعرض عليه اليمينَ، فإن أصرَّ على سكوته؛ فإن لم يظهر سببٌ مُسْكِت، جُعل ناكلًا عن اليمين.
ومتى عُرضت يمين الردِّ على المدَّعي، وامتنع من غير عُذْر،