ولا استمهال، حُكم بنكوله في الحال، وكان نكولُه كحلف المدَّعى عليه عند الأصحاب، فإن طلب يمينَ المدَّعى عليه بعد ذلك، لم يجبه إلى تحليفه؛ لما فيه من الدور، والتسلسل.
فإن امتنع المدَّعي من الحلف، وقال: أمهلوني لأستفتي، وأتثبَّتَ في أمري، أو أطالعَ الحساب، فالمذهب: أنَّه لا يُمهل أكثرَ من ثلاثة أيَّام، ولو طلب المدَّعى عليه الإمهالَ لمثل ذلك، لم يجبه إليه.
وقال بعضُ الأصحاب: لا غايةَ لإمهال المدَّعي إذا لم يصرِّح بالنكول، ويمينه كالبيِّنة، فله أن يأتيَ بها متى شاء، والأوَّل أصحُّ؛ فإنَّا لو لم نحكم بنكوله، لرفع خصمه في كلِّ وقت إلى المجلس، فلا يتفرغ الحاكمُ من خصامهما إلى شغل آخر.
وقال الإمامُ: إذا أحضر الحاكمُ الخصمَ بالاستعداء حيث لا بيِّنة، وجب على الحاكم أن يقولَ للمدَّعي: إما أن تُحلِّف خصمَك، أو تقطع عنه الطلبَ، والرفعَ إلى المجلس، فإن أقام شاهدًا واحدًا، فإن حلف، ثبت حقُّه، وإن لم يحلف، قال له: إما أن تحلِّفه، أو تقطع مطالبته، فإن امتنع من تحليفه، عرَّفه أنَّه يمنعه من رفعه في تلك الخصومة إلى المجلس، وليس له إعادتُه إليه إلَّا أن يجدَ بينة كاملةً، وإن استمهل، أمهل ثلاثًا، ولا يُخرَّج فيه الوجه الآخر؛ بأنَّ له الحلفَ متى شاء؛ فإنَّ المدَّعى عليه إذا قال للمدَّعي في يمين الردِّ: إمَّا أن تحلفَ أو تنكل، فالمدَّعي يقول له: إما أن تقرَّ أنت أو تحلف، وهاهنا يقول المدَّعى عليه: إمَّا أن تحلفَ مع شاهدك، أو تحلِّفني وتخلِّصني.