للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَاضِي، وَحُذِفَ الْمُرَكَّبُ الدَّالُّ عَلَى الْحَالَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا وَرُمِزَ إِلَيْهِ بِمَا هُوَ مِنْ آثَارِهِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْهُ فَكَانَ فِي الْكَلَامِ تَمْثِيلِيَّةٌ مَكْنِيَّةٌ.

وَالْمَوْرُ: الْارْتِجَاجُ وَالْاضْطِرَابُ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً فِي سُورَة الطّور [٩] .

[١٧]

[سُورَة الْملك (٦٧) : آيَة ١٧]

أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)

أَمْ لْإِضْرَابِ الْانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إِلَى غَرَضٍ، وَهُوَ انْتِقَالٌ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ التَّعْجِيبِيِّ إِلَى آخَرَ مِثْلِهِ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْأَثَرَيْنِ الصَّادِرَيْنِ عَنْ مَفْعُولِ الْفِعْلِ الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ اخْتِلَافًا يُوجِبُ تَفَاوُتًا بَيْنَ كُنْهَيِ الْفِعْلَيْنِ وَإِنْ كَانَا مُتَّحِدَيْنِ فِي الْغَايَةِ، فَالْاسْتِفْهَامُ الْأَوَّلُ إِنْكَارٌ عَلَى أَمْنِهِمُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا أَرْضِيًّا.

والاستفهام الْوَاقِع مَعَ أَمْ إِنْكَارٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْمَنُواْ مِنْ أَنْ يُرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ حَاصِبٌ وَذَلِكَ أَمْكَنُ لِمَنْ فِي السَّمَاءِ وَأَشَدُّ وَقْعًا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ. وَالْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ:

مَنْ فِي السَّماءِ تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا مَا يُغْنِي عَنْهُ.

وَتَفْرِيعُ جُمْلَةِ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ عَلَى الْاسْتِفْهَامِ الإنكاري كتفريع مِلَّة فَإِذا هِيَ تَمُورُ [الْملك: ١٦] أَيْ فَحِينَ يُخْسَفُ بِكُمْ أَوْ يُرْسَلُ عَلَيْهِمْ حَاصِبٌ تَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِي، وَحَرْفُ التَّنْفِيسِ حَقُّهُ الدُّخُولُ عَلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي سَتَقَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِرْسَالُ الْحَاصِبِ غَيْرُ مُخْبَرٍ بِحُصُولِهِ وَإِلَّا لَمَا تَخَلَّفَ لِأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ لَا يَتَخَلَّفُ. وَإِنَّمَا هُوَ تَهْدِيدٌ وَتَحْذِيرٌ فَإِنَّهُمْ رُبَّمَا آمَنُواْ وَأَقْلَعُواْ فَسَلِمُواْ مِنْ إِرْسَالِ الْحَاصِبِ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ لَمَّا أُرِيدَ تَحْقِيقُ هَذَا التَّهْدِيدِ شُبِّهَ بِالْأَمْرِ الَّذِي وَقَعَ فَكَانَ تَفْرِيعُ صِيغَةِ الْإِخْبَارِ عَلَى هَذَا مُؤْذِنًا بِتَشْبِيهِ الْمُهَدَّدِ بِهِ بِالْأَمْرِ الْوَاقِعِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ الْمَكْنِيَّةِ، وَجُمْلَةُ فَسَتَعْلَمُونَ قَرِينَتُهَا لِأَنَّهَا مِنْ رَوَادِفَ الْمُشَبَّهِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وكَيْفَ نَذِيرِ، اسْتِفْهَامٌ مُعَلِّقٌ فِعْلَ (تَعْلَمُونَ) عَنِ الْعَمَلِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ لِلتَّهْدِيدِ وَالتَّهْوِيلِ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ.