[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٩٢ إِلَى ٩٤]
قالَ يَا هارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤)
انْتَقَلَ مُوسَى مِنْ مُحَاوَرَةِ قَوْمِهِ إِلَى مُحَاوَرَةِ أَخِيهِ، فَجُمْلَةُ قالَ يَا هارُونُ تَابِعَةٌ لِجُمْلَةِ قالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً [طه: ٨٦] ، وَلِجُمْلَةِ قالُوا مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا [طه: ٨٧] وَقَدْ وُجِدَتْ مُنَاسِبَةٌ لِحِكَايَةِ خِطَابِهِ هَارُونَ بَعْدَ أَنْ وَقَعَ الْفَصْلُ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْحِكَايَةِ بِالْجُمَلِ الْمُعْتَرِضَةِ الَّتِي مِنْهَا جُمْلَةُ وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ [طه: ٩٠] إِلَخْ فَهُوَ اسْتِطْرَادٌ فِي خِلَالِ الْحِكَايَةِ لِلْإِشْعَارِ بِعُذْرِ هَارُونَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ إِلَخْ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ تِلْكَ مِنْ حِكَايَةِ كَلَامِ قَوْمِ مُوسَى.
عَلِمَ مُوسَى أَنَّ هَارُونَ مَخْصُوصٌ مِنْ قَوْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْبُدِ الْعِجْلَ، إِذْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ تَقْتَضِي الْعِصْمَةَ، فَلِذَلِكَ خَصَّهُ بِخِطَابٍ يُنَاسِبُ حَالَهُ بَعْدَ أَنْ خَاطَبَ عُمُومَ الْأُمَّةِ بِالْخِطَابِ الْمَاضِي. وَهَذَا خِطَابُ التَّوْبِيخِ وَالتَّهْدِيدِ عَلَى بَقَائِهِ بَيْنَ عَبَدَةِ الصَّنَمِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ مَا مَنَعَكَ إِنْكَارِيٌّ، أَيْ لَا مَانِعَ لَكَ مِنَ اللِّحَاقِ بِي، لِأَنَّهُ أَقَامَهُ خَلِيفَةً عَنْهُ فِيهِمْ فَلَمَّا لَمْ يَمْتَثِلُوا أَمْرَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْخِلَافَةَ إِلَى مَنِ اسْتَخْلَفَهُ.
وإِذْ رَأَيْتَهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِ مَنَعَكَ. وَ (أَنْ) مَصْدَرِيَّةٌ، وَ (لَا) حَرْفُ نَفْيٍ. وَهِيَ مُؤْذِنَةٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُنَاسِبُ مَعْنَى النَّفْيِ. وَالْمَصْدَرُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute