وَالتَّفْرِيعُ صَالِحٌ لِلْمَعْنَيَيْنِ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ مِمَّا تَضَمَّنَ أَنَّهُمْ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَكَذَّبُوا بِالْقُرْآنِ.
وَمَحَلُّ (أَوْ) عَلَى الْوَجْهَيْنِ هُوَ التَّقْسِيمُ، وَهُوَ إِمَّا تَقَسُّمُ أَحْوَالٍ، وَإِمَّا تَقَسُّمُ أَنْوَاعٍ.
وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ. وَالظُّلْمُ: هُنَا بِمَعْنَى الِاعْتِدَاءِ. وَإِنَّمَا كَانَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَشَدَّ الظُّلْمِ لِأَنَّهُ اعْتِدَاءٌ عَلَى الْخَالِقِ بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ وَبِتَكْذِيبِ آيَاتِهِ.
وَجُمْلَةُ: إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ تَذْيِيلٌ، وَمَوْقِعُهُ يَقْتَضِي شُمُولَ عُمُومِهِ لِلْمَذْكُورِينَ فِي الْكَلَامِ الْمُذَيَّلِ (بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ) فَيَقْتَضِي أَنَّ أُولَئِكَ مُجْرِمُونَ، وَأَنَّهُمْ لَا يُفْلِحُونَ.
وَالْفَلَاحُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٥] .
وَتَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ نَاظِرٌ إِلَى شُمُولِ عُمُومِ الْمُجْرِمِينَ لِلْمُخَاطَبِينَ لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُجْرِمِينَ.
وَافْتِتَاحُ الْجُمْلَةِ بِضَمِيرِ الشَّأْنِ لِقَصْدِ الاهتمام بمضمونها.
[١٨]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ١٨]
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لَا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ [يُونُس: ١٥] عَطْفَ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ. فَهَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى مِنْ قَصَصِ أَحْوَالِ كُفْرِهِمْ أَنْ قَالُوا: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا [يُونُس: ١٥] حِينَ تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الْقُرْآنِ، وَمِنْ كُفْرِهِمْ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَام وَيَقُولُونَ: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ.
وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ أَنَّ فِي كِلْتَيْهِمَا كُفْرًا أَظْهَرُوهُ فِي صُورَةِ السُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَإِيهَامِ أَنَّ الْعُذْرَ لَهُمْ فِي الِاسْتِرْسَالِ عَلَى الْكُفْرِ، فَلَعَلَّهُمْ (كَمَا أَوْهَمُوا أَنَّهُ إِنْ أَتَاهُمْ