للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ: اكْتَتَبَها نَعْتٌ أَوْ حَالٌ لِ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ.

وَالِاكْتِتَابُ: افْتِعَالٌ مِنَ الْكِتَابَةِ، وَصِيغَةُ الِافْتِعَالِ تَدُلُّ عَلَى التَّكَلُّفِ لِحُصُولِ الْفِعْلِ، أَيْ حُصُولُهُ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ، فَيُفِيدُ قَوْلُهُ: اكْتَتَبَها أَنَّهُ تَكَلَّفَ أَنْ يَكْتُبَهَا. وَمَعْنَى هَذَا التَّكَلُّفِ أَنَّ النَّبِيءَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا كَانَ أُمِّيًّا كَانَ إِسْنَادُ الْكِتَابَةِ إِلَيْهِ إِسْنَادًا مجازيا فيؤول الْمَعْنَى: أَنَّهُ سَأَلَ مَنْ يَكْتُبُهَا لَهُ، أَيْ يَنْقُلُهَا، فَكَانَ إِسْنَادُ الِاكْتِتَابِ إِلَيْهِ إِسْنَادًا مَجَازِيًّا لِأَنَّهُ سَبَبُهُ، وَالْقَرِينَةُ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ لَدَى الْجَمِيعِ مِنْ أَنَّهُ أُمِّيٌّ لَا يَكْتُبُ، وَمِنْ قَوْلِهِ: فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَهَا لنَفسِهِ لَكَانَ يَقْرَأها بِنَفْسِهِ. فَالْمَعْنَى: اسْتَنْسَخَهَا. وَهَذَا كُلُّهُ حِكَايَةٌ لِكَلَامِ النَّضْرِ بِلَفْظِهِ أَوْ بِمَعْنَاهُ، وَمُرَادُ النَّضْرِ بِهَذَا الْوَصْفِ تَرْوِيجُ بُهْتَانِهِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ هَذَا الزُّورَ مَكْشُوفٌ قَدْ لَا يُقْبَلُ عِنْدَ النَّاسِ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ النَّبِيءَ أُمِّيٌّ فَكَيْفَ يَسْتَمِدُّ قُرْآنَهُ مِنْ كُتُبِ الْأَوَّلِينَ فَهَيَّأَ لِقَبُولِ ذَلِكَ أَنَّهُ كُتِبَتْ لَهُ، فَاتَّخَذَهَا عِنْدَهُ فَهُوَ يُنَاوِلُهَا لِمَنْ يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ فَيُمْلِي عَلَيْهِ مَا يَقُصُّهُ الْقُرْآنُ.

وَالْإِمْلَاءُ: هُوَ الْإِمْلَالُ وَهُوَ إِلْقَاءُ الْكَلَامِ لِمَنْ يَكْتُبُ أَلْفَاظَهُ أَوْ يَرْوِيهَا أَوْ يَحْفَظُهَا.

وَتَفْرِيعُ الْإِمْلَاءِ عَلَى الِاكْتِتَابِ كَانَ بِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّ إِمْلَاءَهَا عَلَيْهِ لِيَقْرَأَهَا أَوْ لِيَحْفَظَهَا.

وَالْبُكْرَةُ: أَوَّلُ النَّهَارِ. وَالْأَصِيلُ: آخِرُ الْمَسَاءِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ [٢٠٥] ، أَيْ تُمْلَى عَلَيْهِ طَرَفَيِ النَّهَارِ. وَهَذَا مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً عَنْ كَثْرَةِ الْمُمَارَسَةِ لتلقي الأساطير.

[٦]

[سُورَة الْفرْقَان (٢٥) : آيَة ٦]

قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٦)

لَقَّنَ اللَّهُ رَسُولَهُ الْجَوَابَ لِرَدِّ بُهْتَانِ الْقَائِلِينَ إِنْ هَذَا الْقُرْآنَ إِلَّا إِفْكٌ، وَإِنَّهُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، بِأَنَّهُ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ.