للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ [الرَّحْمَن: ٢٢] واللؤلؤ وَالْمَرْجَانُ يَخْرُجَانِ مِنْ أَحَدِ الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ الْبَحْرُ الْمَلِحُ لَا مِنَ الْبَحْرِ الْعَذْبِ.

وَجُمْلَةُ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ، مُعْتَرِضَةٌ فِي جُمْلَةِ الِاعْتِرَاضِ لِإِدْمَاجِ إِمْكَانِ الْبَعْثِ فِي عَرْضِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ وَعَلَى تَفَرُّدِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا عَنْ عَدَمٍ قَادِرٌ عَلَى إِعَادَةِ خَلْقِ بَعْضِ مَا فِيهِمَا لِلْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِهِ فَكَيْفَ تَعُدُّونَهُ مُحَالًا. وَضَمِيرُ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ: جَمْعِهِمْ عَائِدٌ إِلَى مَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الَّذِي تَتَعَلَّقُ الْإِرَادَةُ بِجَمْعِهِ فِي الْحَشْرِ لِلْجَزَاءِ هُمُ الْعُقَلَاءُ مِنَ الدَّوَابِّ أَيِ الْإِنْسُ. وَالْمُرَادُ بِ جَمْعِهِمْ حَشْرُهُمْ لِلْجَزَاءِ، قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ [التغابن: ٩] .

وَقَدْ وَرَدَ فِي أَحَادِيثَ فِي «الصَّحِيحِ» أَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ تُحْشَرُ لِلِانْتِصَافِ مِمَّنْ ظَلَمَهَا.

وإِذا ظَرْفٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ هُنَا مُجَرَّدٌ عَنْ تَضَمُّنِ الشَّرْطِيَّةِ، فَالتَّقْدِيرُ: حِينَ يَشَاءُ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِ جَمْعِهِمْ. وَهَذَا الظَّرْفُ إِدْمَاجٌ ثَانٍ لِإِبْطَالِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِتَأَخُّرِ يَوْمِ الْبَعْثِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا حُكِيَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً [الْإِسْرَاء: ٥١] ويَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ [سبأ: ٢٩، ٣٠] .

[٣٠]

[سُورَة الشورى (٤٢) : آيَة ٣٠]

وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)

لَمَّا تَضَمَّنَتِ الْمِنَّةُ بِإِنْزَالِ الْغَيْثِ بَعْدَ الْقُنُوطِ أَنَّ الْقَوْمَ أَصَابَهُمْ جُهْدٌ مِنَ الْقَحْطِ بَلَغَ بِهِمْ مَبْلَغَ الْقُنُوطِ مِنَ الْغَيْثِ أَعْقَبَتْ ذَلِكَ بِتَنْبِيهِهِمْ إِلَى أَنَّ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْبُؤْسِ هُوَ جَزَاءٌ عَلَى مَا اقْتَرَفُوهُ مِنَ الشِّرْكِ تَنْبِيهًا يَبْعَثُهُمْ وَيَبْعَثُ الْأُمَّةَ عَلَى أَنْ