[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : الْآيَات ١٧٤ إِلَى ١٧٥]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥)
أَيْ فِي قِصَّتِهِمُ الْمَعْلُومَةِ لِلْمُشْرِكِينَ آيَةٌ، قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
[الصافات: ١٣٧، ١٣٨] وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيره آنِفا.
[١٧٦- ١٨٠]
[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : الْآيَات ١٧٦ إِلَى ١٨٠]
كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠)
اسْتِئْنَاف تعداد وتكرير كَمَا تَقَدَّمَ فِي جُمْلَةِ: كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ [الشُّعَرَاء: ١٢٣] .
وَلَمْ يَقْرِنْ فِعْلَ كَذَّبَ هَذَا بِعَلَامَةِ التَّأْنِيثِ لِأَنَّ أَصْحابُ جَمْعُ صَاحِبٍ وَهُوَ مُذَكَّرٌ مَعْنًى وَلَفْظًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ: كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ [الشُّعَرَاء: ١٦٠] فَإِنَّ (قَوْمَ) فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ وَالْأُمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [الشُّعَرَاء: ١٠٥] .
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ لَيْكَةَ بِلَامٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا يَاءٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ مَمْنُوعًا مِنَ الصَّرْفِ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ الْأَيْكَةِ بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ بَعْدَهُ هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَبِجَرِّ آخِرِهِ عَلَى أَنَّهُ تَعْرِيفُ عَهْدٍ لِأَيْكَةٍ مَعْرُوفَةٍ. وَالْأَيْكَةُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ وَهِيَ الْغَيْضَةُ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: رَأَيْتُهَا فِي الْإِمَامِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْحِجْرِ وَق الْأَيْكَةِ وَفِي الشُّعَرَاءِ وَص لَيْكَةَ وَاجْتَمَعَتْ مَصَاحِفُ الْأَمْصَارِ كُلُّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ تَخْتَلِفْ.
وَأَصْحَابُ لَيْكَةَ: هُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ أَوْ قَبِيلَةٌ مِنْهُمْ. قَالُوا: وَكَانَتْ غِيضَتُهُمْ مِنْ شَجَرِ الْمُقْلِ (بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَهُوَ النَّبْقُ) وَيُقَالُ لَهُ الدَّوْمُ (بِفَتْحِ الدَّالِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُون الْوَاو) .
وإفرادها بِتَاءِ الْوَحْدَةِ عَلَى إِرَادَةِ الْبُقْعَةِ وَاسْمُ الْجَمْعِ: أَيْكٌ، وَاشْتَهَرَتْ بِالْأَيْكَةِ فَصَارَتْ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ مِثْلُ الْعَقَبَةِ. ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِيَكُونَ عَلَمًا شَخْصِيًّا فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وَأُلْقِيَتْ حَرَكَتُهَا عَلَى لَامِ التَّعْرِيفِ وَتُنُوسِيَ مَعْنَى التَّعْرِيفِ