للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالذَّوْقُ مَجَازٌ فِي الْحِسِّ بِعَلَاقَةِ الْإِطْلَاقِ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [٩٥] .

وَمَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ مَفْعُولٌ لِفِعْلِ الذَّوْقِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ يُعْلَمُ مِنَ الْمَقَامِ: أَيْ ذُوقُوا عَذَابَ مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ.

وَعَبَّرَ بِالْمَوْصُولِيَّةِ فِي قَوْلِهِ: مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَلَطِهِمْ فِيمَا كَنَزُوا لِقَصْدِ التَّنْدِيمِ.

[٣٦]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٣٦]

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦)

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ.

اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِإِقَامَةِ نِظَامِ التَّوْقِيتِ لِلْأُمَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْحَقِّ الصَّالِحِ لِجَمِيعِ الْبَشَرِ، وَالْمُنَاسِبِ لِمَا وَضَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِظَامَ الْعَالَمِ الْأَرْضِيِّ، وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ نِظَامِ الْعَوَالِمِ السَّمَاوِيَّةِ، بِوَجْهٍ مُحْكَمٍ لَا مَدْخَلَ لِتَحَكُّمَاتِ النَّاسِ فِيهِ، وَلِيُوَضِّحَ تَعْيِينَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ [التَّوْبَة: ٥] بَعْدَ مَا عَقِبَ ذَلِك من التفاضيل فِي أَحْكَامِ الْأَمْنِ وَالْحَرْبِ مَعَ فِرَقِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ.

وَالْمَقْصُودُ: ضَبْطُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَإِبْطَالُ مَا أَدْخَلَهُ الْمُشْرِكُونَ فِيهَا مِنَ النَّسِيءِ الَّذِي أَفْسَدَ أَوْقَاتَهَا، وَأَفْضَى إِلَى اخْتِلَاطِهَا، وأزال حُرْمَة مَاله حُرْمَةَ مِنْهَا، وَأَكْسَبَ حُرْمَةً لِمَا لَا حُرْمَةَ لَهُ مِنْهَا.

وَإِنَّ ضَبْطَ التَّوْقِيتِ مِنْ أُصُولِ إِقَامَةِ نِظَامِ الْأُمَّةِ وَدَفْعِ الْفَوْضَى عَنْ أَحْوَالِهَا.

وَافْتِتَاحُ الْكَلَامِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ بِمَضْمُونِهِ لِتَتَوَجَّهَ أَسْمَاعُ النَّاسِ وَأَلْبَابُهُمْ إِلَى وَعْيِهِ.

وَالْمُرَادُ بِالشُّهُورِ: الشُّهُورُ الْقَمَرِيَّةُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، لِأَنَّهَا الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ وَعِنْدَ أَغْلَبِ الْأُمَمِ، وَهِيَ أَقْدَمُ أَشْهُرِ التَّوْقِيتِ فِي الْبَشَرِ وَأَضْبَطُهَا لِأَنَّ اخْتِلَافَ أَحْوَالِ الْقَمَرِ