للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرُبَّمَا كَانَ الْجَوَابُ عَنْهُ بِدُونِ شَرَهِ نَفْسٍ، وَرُبَّمَا خَالَطَهُ بَعْضُ الْقَلَقِ فَيَكُونُ الْجَوَابُ غَيْرَ شَافٍ، فَأَرَادَ الْخَضِرُ أَنْ يَتَوَلَّى هُوَ بَيَانَ أَعْمَالِهِ فِي الْإِبَّانِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا لِيَكُونَ الْبَيَانُ أَبْسَطَ وَالْإِقْبَالُ

أَبْهَجَ فَيَزِيدُ الِاتِّصَالَ بَيْنَ الْقَرِينَيْنِ.

وَالذِّكْرُ، هُنَا: ذِكْرُ اللِّسَانِ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٤٠] . أَعْنِي بَيَانَ الْعِلَلِ وَالتَّوْجِيهَاتِ وَكَشْفَ الْغَوَامِضِ.

وَإِحْدَاثُ الذِّكْرِ: إِنْشَاؤُهُ وَإِبْرَازُهُ، كَقَوْلِ ذِي الرمة:

أحدتنا لِخَالِقِهَا شُكْرَا وَقَرَأَ نَافِع فَلا تَسْئَلْنِي- بِالْهَمْزِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ- عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعُ سَأَلَ الْمَهْمُوزِ مُقْتَرِنًا بِنُونِ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ الْمُدْغَمَةِ فِي نُونِ الْوِقَايَةِ وَبِإِثْبَاتِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ.

وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ مِثْلَهُ، لَكِنْ بِحَذْفِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ. وَقَرَأَ الْبَقِيَّة تَسْئَلْنِي- بِالْهَمْزِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ-. وَأَثْبَتُوا يَاء الْمُتَكَلّم.

[٧١]

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ٧١]

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١)

أَيْ فَعَقَّبَ تِلْكَ الْمُحَاوَرَةَ أَنَّهُمَا انْطَلَقَا. وَالِانْطِلَاقُ: الذَّهَابُ وَالْمَشْيُ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ ضِدُّ التَّقْيِيدِ، لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِذَا حُلَّ عِقَالُهَا مَشَتْ. فَأَصْلُهُ مُطَاوِعُ أَطْلَقَهُ.

وَ (حَتَّى) غَايَةٌ لِلِانْطِلَاقِ. أَيْ إِلَى أَنْ رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ.

وَ (حَتَّى) ابْتِدَائِيَّةٌ، وَفِي الْكَلَامِ إِيجَازٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ. أَصْلُ الْكَلَامِ: حَتَّى اسْتَأْجَرَا سَفِينَةً فَرَكِبَاهَا فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا.