للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَصْرِيفُ الْآيَاتِ تَنْوِيعُهَا بِالتَّرْغِيبِ تَارَةً وَالتَّرْهِيبِ أُخْرَى. فَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ آيَاتُ الْقُرْآنِ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى التَّصْرِيفِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ

يَصْدِفُونَ

فِي هَذِهِ السُّورَةِ [٤٦] .

ولَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ جَوَابٌ لِسُؤَالِ سَائِلٍ عَنْ فَائِدَةِ تَصْرِيفِ الْآيَاتِ، وَذَلِكَ رَجَاءَ حُصُولِ فَهْمِهِمْ لِأَنَّهُمْ لِعِنَادِهِمْ كَانُوا فِي حَاجَةٍ إِلَى إِحَاطَةِ الْبَيَانِ بِأَفْهَامِهِمْ لَعَلَّهَا تَتَذَكَّرُ وَتَرْعَوِي.

وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى (لَعَلَّ) عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢١] .

وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْفِقْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لَا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً فِي سُورَة النِّسَاء [٧٨] .

[٦٦، ٦٧]

[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : الْآيَات ٦٦ إِلَى ٦٧]

وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧)

عَطْفٌ عَلَى انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ [الْأَنْعَام: ٦٥] ، أَيْ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ فَلَمْ يَفْقَهُوا وَكَذَّبُوا. وَضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ إِلَى الْعَذَابِ فِي قَوْلِهِ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً [الْأَنْعَام:

٦٥] ، وَتَكْذِيبُهُمْ بِهِ مَعْنَاهُ تَكْذِيبُهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُمْ لِأَجْلِ إِعْرَاضِهِمْ.

وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِ قَوْمُكَ تَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِسُوءِ مُعَامَلَتِهِمْ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى: ٢٣] ، وَقَالَ طَرْفَةُ:

وَظُلْمُ ذَوِي الْقُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً ... عَلَى الْمَرْءِ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّدِ

وَتَقَدَّمَ وَجْهُ تَعْدِيَةِ فِعْلِ (كَذَّبَ) بِالْبَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَّبْتُمْ بِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [٥٧] .

وَجُمْلَةُ وَهُوَ الْحَقُّ مُعْتَرِضَةٌ لِقَصْدِ تَحْقِيقِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْهِمْ عَذَابًا إِلَخ.

وَقَدْ تَحَقَّقَ بَعْضُ ذَلِكَ بِعَذَابٍ مِنْ فَوْقِهِمْ وَهُوَ عَذَابُ الْقَحْطِ، وَبِإِذَاقَتِهِمْ بَأْسَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ.