[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : آيَة ١٤٥]
وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥)
وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها.
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ قالَ يَا مُوسى، إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ برسالتي [الْأَعْرَاف:
١٤٤] إِلَى آخِرِهَا، لِأَنَّ فِيهَا: فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ [الْأَعْرَاف: ١٤٤] وَالَّذِي آتَاهُ هُوَ أَلْوَاحُ الشَّرِيعَةِ، أَوْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ: مَا آتَيْتُكَ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْأَلْوَاحِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَعْرِيفَ الْعَهْدِ، إِنْ كَانَ مَا آتَيْتُكَ مُرَادًا بِهِ الْأَلْوَاحُ الَّتِي أُعْطِيَهَا مُوسَى فِي الْمُنَاجَاةِ، فَسَاغَ أَنْ تُعَرَّفَ تَعْرِيفَ الْعَهْدِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَخُذْ أَلْوَاحًا آتَيْتُكَهَا، ثُمَّ قِيلَ: كتبنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ، وَإِذَا كَانَ مَا آتَيْتُكَ مُرَادًا بِهِ الرِّسَالَةُ وَالْكَلَامُ كَانَ التَّعْرِيفُ فِي الْأَلْوَاحِ تَعْرِيفَ الذِّهْنِي، أَيْ: وَكَتَبْنَا لَهُ فِي أَلْوَاح مُعَيَّنَةٍ مِنْ جِنْسِ الْأَلْوَاحِ.
والألواح جَمْعُ لَوْحٍ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ قِطْعَةٌ مُرَبَّعَةٌ مِنَ الْخَشَبِ، وَكَانُوا يَكْتُبُونَ عَلَى الْأَلْوَاحِ، أَوْ لِأَنَّهَا أَلْوَاحٌ مَعْهُودَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ سِيقَتْ إِلَيْهِمْ تَفَاصِيلُ الْقِصَّةِ (وَإِنْ كَانَ سَوْقُ مُجْمَلِ الْقِصَّةِ لِتَهْدِيدِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مَا حَصَلَ بِالْمُكَذِّبِينَ بِمُوسَى) .
وَتَسْمِيَةُ الْأَلْوَاحِ الَّتِي أَعْطَاهَا اللَّهُ مُوسَى أَلْوَاحًا مَجَازٌ بِالصُّورَةِ لِأَنَّ الْأَلْوَاحَ الَّتِي أُعْطِيَهَا مُوسَى كَانَتْ مِنْ حِجَارَةٍ، كَمَا فِي التَّوْرَاةِ فِي الْإِصْحَاحِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ، فَتَسْمِيَتُهَا الْأَلْوَاحَ لِأَنَّهَا عَلَى صُورَةِ الْأَلْوَاحِ، وَالَّذِي بِالْإِصْحَاحِ الرَّابِعِ وَالثَلَاثِينَ أَنَّ اللَّوْحَيْنِ كُتِبَتْ فِيهِمَا الْوَصَايَا الْعَشْرُ الَّتِي ابْتَدَأَتْ بِهَا شَرِيعَةُ مُوسَى، وَكَانَا لَوْحَيْنِ، كَمَا فِي التَّوْرَاةِ، فَإِطْلَاقُ الْجَمْعِ عَلَيْهَا هُنَا: إِمَّا مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ صِيغَةِ الْجَمْعِ عَلَى الْمُثَنَّى بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُمَا كَانَا مَكْتُوبَيْنِ عَلَى كِلَا وَجْهَيْهِمَا، كَمَا يَقْتَضِيهِ الْإِصْحَاحُ الثَّانِي وَالثَلَاثُونَ مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ، فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ أَرْبَعَةِ أَلْوَاحٍ.
وَأُسْنِدَتِ الْكِتَابَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا كَانَتْ مَكْتُوبَةً نَقْشًا فِي الْحَجَرِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِ إِنْسَانٍ بَلْ بِمَحْضِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا يُفْهَمُ مِنَ الْإِصْحَاحِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ، كَمَا أُسْنِدَ الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ فِي قَوْله: وَبِكَلامِي [الْأَعْرَاف: ١٤٤] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute