للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا اتِّصَالُ نُفُوسِ الْكُهَّانِ بِالنُّفُوسِ الشَّيْطَانِيَّةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَنَاسُبٍ بَيْنَ النُّفُوسِ، وَمُعْظَمُهُ أَوْهَامٌ.

وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ»

. أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ الْجِنُّ يَسْتَمِعُونَ الْوَحْيَ» (أَيْ وَحْيَ اللَّهِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ بِتَصَارِيفِ الْأُمُورِ) فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِعُوا، فَقَالُوا: مَا هَذَا إِلَّا لِأَمْرٍ حَدَثَ فَضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ يَتَحَسَّسُونَ السَّبَبَ فَلَمَّا وَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ قَائِمًا يُصَلِّي بِمَكَّةَ قَالُوا: هَذَا الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ فَقَالُوا لِقَوْمِهِمْ: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً [الْجِنّ: ١] الْآيَةَ وَأنزل على نبيئه قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ

[الْجِنِّ: ١] وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ اهـ.

وَلَعَلَّ كَيْفِيَّةَ حُدُوثِ رَجْمِ الْجِنِّ بِالشُّهُبِ كَانَ بِطَرِيقَةِ تَصْرِيفِ الْوَحْيِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ فِي مَجَارٍ تَمُرُّ عَلَى مَوَاقِعِ انْقِضَاضِ الشُّهُبِ حَتَّى إِذَا اتَّصَلَتْ قُوَى الْوَحْيِ بِمَوْقِعِ أَحَدِ الشُّهُبِ انْفَصَلَ الشِّهَابُ بِقُوَّةِ مَا يَغُطُّهُ مِنَ الْوَحْيِ فَسَقَطَ مَعَ مَجْرَى الْوَحْيِ لِيَحْرُسَهُ مِنِ اقْتِرَابِ الْمُسْتَرِقِ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الْمَلَكِ الْمُوحَى إِلَيْهِ فَلَا يَجِدُ فِي طَرِيقِهِ قُوَّةً شَيْطَانِيَّةً أَوْ جِنِّيَّةً إِلَّا أَحْرَقَهَا وَبَخَّرَهَا فَهَلَكَتْ أَوِ اسْتُطِيرَتْ وَبِذَلِكَ بَطَلَتِ الْكِهَانَةُ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الرسَالَة المحمدية.

[١٠]

[سُورَة الْجِنّ (٧٢) : آيَة ١٠]

وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠)

قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَخَلَفٌ بِفَتْحِهَا عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ وبالباء كَمَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَآمَنَّا بِأَنَّا انْتَفَى عِلْمُنَا بِمَا يُرَادُ بِالَّذِينَ فِي الْأَرْضِ، أَيْ النَّاسِ، أَيْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَرِقُونَ عِلْمَ ذَلِكَ فَلَمَّا حُرِسَتِ السَّمَاءُ انْقَطَعَ عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ. هَذَا تَوْجِيهُ الْقِرَاءَةِ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنَّا وَمُحَاوَلَةُ غَيْرِ هَذَا تَكَلُّفٌ.

وَهَذِهِ نَتِيجَةٌ نَاتِجَةٌ عَنْ قَوْلِهِمْ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ [الْجِنّ: ٩] إِلَخْ لِأَنَّ ذَلِكَ السَّمْعَ كَانَ لِمَعْرِفَةِ مَا يَجْرِي بِهِ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ لِلْمَلَائِكَةِ وَمِمَّا يُخْبِرُهُمْ بِهِ مِمَّا يُرِيدُ إِعْلَامَهُمْ بِهِ فَكَانُوا عَلَى عِلْمٍ مِنْ بَعْضِ مَا يَتَلَقَّفُونَهُ فَلَمَّا مُنِعُوا السَّمْعَ صَارُوا لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرُوا إِخْوَانَهُمْ بِهَذَا عَسَاهُمْ أَنْ يَعْتَبِرُوا بِأَسْبَابِ هَذَا التَّغَيُّرِ