للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنْتَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ، وَخَيْرُ الْحَاكِمِينَ هُوَ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الْوَصْفِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ كَمَالُ هَذَا الْوَصْفِ فِيمَا يُقْصَدُ مِنْهُ وَفِي فَائِدَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ وَلَا تُرَوَّجُ عَلَيْهِ التُّرَّهَاتُ. وَالْحُكَّامُ مَرَاتِبُ كَثِيرَةٌ، فَتَبَيَّنَ وَجْهُ التَّفْضِيلِ فِي قَوْلِهِ: وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ [الْأَعْرَاف: ٨٧] وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ فِي قَوْلِهِ: خَيْرُ النَّاصِرِينَ [آلِ عمرَان: ١٥٠] وخَيْرُ الْماكِرِينَ [آل عمرَان: ٥٤] وَقد تقدم فِي سُورَة آل عِمْرَانَ [١٥٠] : بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ.

[٩٠- ٩٢]

[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : الْآيَات ٩٠ إِلَى ٩٢]

وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢)

عُطِفَتْ جُمْلَةُ: وَقالَ الْمَلَأُ وَلَمْ تُفْصَلْ كَمَا فُصِلَتِ الَّتِي قَبْلَهَا لِانْتِهَاءِ الْمُحَاوَرَةِ الْمُقْتَضِيَةِ فَصْلَ الْجُمَلِ فِي حِكَايَةِ الْمُحَاوَرَةِ، وَهَذَا قَوْلٌ أُنُفٌ وَجَّهَ فِيهِ الْمَلَأُ خِطَابَهُمْ إِلَى عَامَّةِ قَوْمِهِمُ الْبَاقِينَ عَلَى الْكُفْرِ تَحْذِيرًا لَهُمْ مِنِ اتِّبَاعِ شُعَيْبٍ خَشْيَةً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ تَحِيكَ فِي نُفُوسِهِمْ دَعْوَةُ شُعَيْبٍ وَصِدْقُ مُجَادَلَتِهِ، فَلَمَّا رَأَوْا حُجَّتَهُ سَاطِعَةً وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا الْفَلْجَ عَلَيْهِ فِي الْمُجَادَلَةِ، وَصَمَّمُوا عَلَى كُفْرِهِمْ، أَقْبَلُوا عَلَى خِطَابِ الْحَاضِرِينَ مِنْ قَوْمِهِمْ لِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْ مُتَابَعَةِ شُعَيْبٍ وَيُهَدِّدُوهُمْ بِالْخَسَارَةِ.

وَذكر الْمَلَأُ إِظْهَار فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِبُعْدِ الْمَعَادِ. وَإِنَّمَا وَصَفَ الْمَلَأَ بِالْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ دُونَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ الْمُقْتَضِي أَنَّ الْمَلَأَ الثَّانِيَ هُوَ الْمَلَأُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ،

لِقَصْدِ زِيَادَةِ ذَمِّ الْمَلَأِ بِوَصْفِ الْكُفْرِ، كَمَا ذُمَّ فِيمَا سَبَقَ بِوَصْفِ الِاسْتِكْبَارِ.

وَوَصْفُ الْمَلَأُ هُنَا بِالْكُفْرِ لِمُنَاسَبَةِ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ عَنْهُمْ، الدَّالِّ عَلَى تَصَلُّبِهِمْ فِي