للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (يَا وَيْلَنا) دُعَاءٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ شِدَّةِ مَا لَحِقَهُمْ.

وبَلْ لِلْإِضْرَابِ الْإِبْطَالِيِّ، أَيْ مَا كُنَّا فِي غَفْلَةٍ لِأَنَّنَا قَدْ دُعِينَا وَأُنْذِرْنَا وَإِنَّمَا كُنَّا ظَالِمِينَ أَنْفُسَنَا بِمُكَابَرَتِنَا وَإِعْرَاضِنَا.

وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِ (هَذَا) هُوَ مَجْمُوعُ تِلْكَ الْأَحْوَالِ مِنَ الْحَشْرِ والحساب وَالْجَزَاء.

[٩٨- ١٠٠]

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : الْآيَات ٩٨ إِلَى ١٠٠]

إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠)

جُمْلَةُ إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمْ يَا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا [الْأَنْبِيَاء: ٩٧] إِلَى آخِرِهِ. فَهِيَ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَاوَرَاتِ. فَالتَّقْدِيرُ: يُقَالُ لَهُمْ: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ.

وَهُوَ ارْتِقَاءٌ فِي ثُبُورِهِمْ فَهُمْ قَالُوا: يَا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا [الْأَنْبِيَاء: ٩٧] فَأَخْبَرُوا بِأَنَّ آلِهَتَهُمْ وَهُمْ أَعَزُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَبْعَدُ فِي أَنْظَارِهِمْ عَنْ أَنْ يَلْحَقَهُمْ سُوءٌ صَائِرُونَ إِلَى مَصِيرِهِمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالْهَوَانِ، وَلِذَلِكَ أَكَّدَ الْخَبَرَ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِحَيْثُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ.

وَ (مَا) مَوْصُولَةٌ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهَا فِيمَا يَكُونُ فِيهِ صَاحِبُ الصِّلَةِ غَيْرَ عَاقِلٍ. وَأُطْلِقَتْ هُنَا عَلَى مَعْبُودَاتِهِمْ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ تَغْلِيبًا، عَلَى أَنَّ (مَا) تُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ اسْتِعْمَالًا كَثِيرًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.