للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْخَبَرَانِ هُمَا وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى وَقَوْلُهُ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يشْعر بِأَنَّهَا سَتَخَافُ عَلَيْهِ.

وَالْأَمْرَانِ هُمَا: أَرْضِعِيهِ وَ (أَلْقِيهِ) .

وَالنَّهْيَانِ: وَلا تَخافِي وَلَا تَحْزَنِي.

وَالْبِشَارَتَانِ: إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.

وَالْخَوْفُ: تَوَقُّعُ أَمْرٍ مَكْرُوهٍ، وَالْحُزْنُ: حَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ تَنْشَأُ مِنْ حَادِثٍ مَكْرُوهٍ لِلنَّفْسِ كَفَوَاتِ أَمْرٍ مَحْبُوبٍ، أَوْ فَقْدِ حَبِيبٍ، أَوْ بُعْدِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

وَالْمَعْنَى: لَا تَخَافِي عَلَيْهِ الْهَلَاكَ مِنَ الْإِلْقَاءِ فِي الْيَمِّ، وَلَا تَحْزَنِي عَلَى فِرَاقِهِ.

وَالنَّهْيُ عَنِ الْخَوْفِ وَعَنِ الْحُزْنِ نَهْيٌ عَنْ سَبَبَيْهِمَا وَهُمَا تُوَقُّعُ الْمَكْرُوهِ وَالتَّفَكُّرُ فِي وَحْشَةِ الْفِرَاقِ.

وَجُمْلَةُ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ فِي مَوْقِعِ الْعِلَّةِ لِلنَّهْيَيْنِ لِأَنَّ ضَمَانَ رَدِّهِ إِلَيْهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَهْلِكُ وَأَنَّهَا لَا تَشْتَاقُ إِلَيْهِ بِطُولِ الْمَغِيبِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَإِدْخَالٌ للمسرة عَلَيْهَا.

[٨]

[سُورَة الْقَصَص (٢٨) : آيَة ٨]

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨)

الِالْتِقَاطُ افْتِعَالٌ مِنَ اللَّقْطِ، وَهُوَ تَنَاوُلُ الشَّيْءِ الْمُلْقَى فِي الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا بِقَصْدٍ أَوْ ذُهُولٍ. أَسْنَدَ الِالْتِقَاطَ إِلَى آلِ فِرْعَوْنَ لِأَنَّ اسْتِخْرَاجَ تَابُوتِ مُوسَى مِنَ النَّهْرِ كَانَ مِنْ إِحْدَى

النِّسَاءِ الْحَافَّاتِ بِابْنَةِ فِرْعَوْنَ حِينَ كَانَتْ مَعَ أَتْرَابِهَا وَدَايَاتِهَا عَلَى سَاحِلِ النِّيلِ كَمَا جَاءَ فِي الْإِصْحَاحِ الثَّانِي مِنْ سِفْرِ الْخُرُوجِ.

وَاللَّامُ فِي لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا لَامُ التَّعْلِيلِ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ النُّحَاةِ بِلَامِ كَيْ وَهِيَ لَامٌ جَارَّةٌ مِثْلُ كي، وَهِي هُنَا مُتَعَلِّقَةٌ بِ (الْتَقَطَهُ) . وَحَقُّ لَامِ كَيْ أَنْ تَكُونَ جَارَّةً لِمَصْدَرٍ مُنْسَبِكٍ مِنْ (أَنِ) الْمَقَدَّرَةِ بَعْدَ اللَّامِ وَمِنَ الْفِعْلِ الْمَنْصُوبِ بِهَا فَذَلِكَ الْمَصْدَرُ هُوَ الْعِلَّةُ الْبَاعِثَةُ عَلَى صُدُورِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ فَاعِلِهِ. وَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِي