وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ لَا يَتَأَتَّيَانِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الْمُفْتَتَحُ بِتَاءَيْنِ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ [النِّسَاء: ٤] وَقَوْلِهِ: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ [الْبَقَرَة: ٢٦٧] وَقَوْلُهُ: وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [٢٠] ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقِتَالِ [٣٨] وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ فَثَبَتَتْ فِيهِ التَّاءَانِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي نَسْجَ نَظْمِهِ بِمَا يَصْلُحُ لِإِفَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي سُورَةِ النُّورِ وَفِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ.
وَالْبَلَاغُ: اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّبْلِيغِ كَالْأَدَاءِ بِمَعْنَى التَّأْدِيَةِ. وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُبَيَّنًا أَنَّهُ فَصِيحٌ وَاضِحٌ.
وَجُمْلَةُ: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا إِرْدَافُ التَّرْهِيبِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ بِالتَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَةِ اسْتِقْصَاءً فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الرُّشْدِ.
وَجُمْلَةُ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ بَيَانٌ لِإِبْهَامِ قَوْلِهِ: مَا حُمِّلَ.
[٥٥]
[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ٥٥]
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥)
الْأَشْبَه أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ انْتَقَلَ إِلَيْهِ بِمُنَاسَبَةِ التَّعَرُّضِ إِلَى أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ أَبْقَاهُمْ عَلَى النِّفَاقِ تَرَدُّدُهُمْ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَخَشْيَتُهُمْ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ بِالْمُسْلِمِينَ الْمَقَامُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى يَغْزُوَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute