[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٧٤ إِلَى ٧٦]
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦)
هَذِهِ الْجُمَلُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ حِكَايَةِ قِصَّةِ السَّحَرَةِ وَبَيْنَ ذِكْرِ قِصَّةِ خُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، سَاقَهَا اللَّهُ مَوْعِظَةً وَتَأْيِيدًا لِمَقَالَةِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ. وَقِيلَ: هِيَ مِنْ كَلَامِ أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ. وَيُبْعِدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَحْكِ نَظِيرَهُ عَنْهُمْ فِي نَظَائِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ.
وَالْمُجْرِمُ: فَاعِلُ الْجَرِيمَةِ، وَهِيَ الْمَعْصِيَةُ وَالْفِعْلُ الْخَبِيثُ. وَالْمُجْرِمُ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ هُوَ الْكَافِرُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين: ٢٩] .
وَاللَّامُ فِي لَهُ جَهَنَّمَ لَامُ الِاسْتِحْقَاقِ، أَيْ هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهَا لَا مَحَالَةَ، وَيَكُونُ عَذَابُهُ مُتَجَدِّدًا فِيهَا فَلَا هُوَ مَيِّتٌ لِأَنَّهُ يُحِسُّ بِالْعَذَابِ وَلَا هُوَ حَيٌّ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ الْمَوْتِ أَهْوَنُ مِنْهَا، فَالْحَيَاةُ الْمَنْفِيَّةُ حَيَاةٌ خَاصَّةٌ وَهِيَ الْحَيَاةُ الْخَالِصَةُ مِنَ الْعَذَابِ وَالْآلَامِ. وَبِذَلِكَ لَمْ يَتَنَاقَضْ نَفْيُهَا مَعَ نَفْيِ الْمَوْتِ، وَهُوَ كَقَوْلِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ:
وَقَدْ كُنْتُ فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَأٍ ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ إِنَّها بَقَرَةٌ لَا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ [الْبَقَرَة: ٦٨] وَلَا قَوْلُهُ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النُّور: ٣٥] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute