للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ خَصَائِص أَزوَاج النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِظَمِ قَدْرِهِنَّ، لَأَنَّ زِيَادَةَ قُبْحِ الْمَعْصِيَةِ تَتْبَعُ زِيَادَةَ فَضْلِ الْآتِي بِهَا. ودرجة أَزوَاج النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَةٌ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَتَعْمَلْ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ مَعْنَى مَنْ الْمَوْصُولَةِ المُرَاد بهَا إِحْدَى النِّسَاءِ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى فِعْلِ يَقْنُتْ بَعْدَ أَنْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ وَهُوَ ضَمِيرُ نِسْوَةٍ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ وَيَعْمَلْ بِالتَّحْتِيَّةِ مُرَاعَاةً لِمَدْلُولِ مَنْ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ نُؤْتِها بِنُونِ الْعَظَمَةِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى اعْتِبَارِ ضَمِيرِ الْغَائِبِ عَائِدًا إِلَى اسْم الْجَلالَة من قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [الْأَحْزَاب: ٣٠] .

وَالْقَوْلُ فِي أَعْتَدْنا لَها كَالْقَوْلِ فِي فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ [الْأَحْزَاب: ٢٩] .

وَالتَّاءُ فِي أَعْتَدْنا بَدَلٌ عَنْ أَحَدِ الدَّالَيْنِ مِنْ (أَعَدَّ) لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهَا وَقَصْدِ التَّخْفِيفِ.

وَالْعُدُولُ عَنِ الْمُضَارِعِ إِلَى فِعْلِ الْمَاضِي فِي قَوْلِهِ: أَعْتَدْنا لِإِفَادَةِ تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ.

وَالرِّزْقُ الْكَرِيمُ: هُوَ رِزْقُ الْجَنَّةِ قَالَ تَعَالَى: كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً [الْبَقَرَة:

٢٥] الْآيَةَ. وَوَصَفَهُ بِالْكَرِيمِ لَأَنَّهُ أَفْضَلُ جِنْسِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ فِي سُورَةِ النَّمْلِ [٢٩] .

[٣٢]

[سُورَة الْأَحْزَاب (٣٣) : آيَة ٣٢]

يَا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢)

يَا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ.

أُعِيدَ خِطَابُهُنَّ مِنْ جَانِبِ رَبِّهِنَّ وَأُعِيدَ نِدَاؤُهُنَّ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْخَبَرِ اهْتِمَامًا يَخُصُّهُ.

وَأَحَدٌ: اسْمٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ مِثْلَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الْإِخْلَاص: ١] وَهَمْزَتُهُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ. وَأَصْلُهُ: وَحَدَ بِوَزْنِ فَعَلَ، أَيْ مُتَوَحِّدٌ، كَمَا قَالُوا: فَرَدَ بِمَعْنَى مُنْفَرِدٌ. قَالَ النَّابِغَةُ يَذْكُرُ رُكُوبَهُ رَاحِلَتَهُ:

كَأَنَّ رَحْلِي وَقَدْ زَالَ النَّهَارُ بِنَا ... يَوْمَ الْجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ

يُرِيدُ عَلَى ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ مُنْفَرِدٍ. فَلَمَّا ثَقُلَ الِابْتِدَاءُ بِالْوَاوِ شَاعَ أَنْ يَقُولُوا: أَحَدٌ،