للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٨٣- سُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ

سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ وَفِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ «سُورَةَ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ» ، وَكَذَلِكَ تَرْجَمَهَا الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ مِنْ «صَحِيحِهِ» ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي «جَامِعِهِ» .

وَسُمِّيَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْمَصَاحِفِ «سُورَةَ الْمُطَفِّفِينَ» اخْتِصَارًا.

وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي «الْإِتْقَانِ» فِي عِدَادِ السُّورِ ذَوَاتِ أَكْثَرَ مِنِ اسْمٍ وَسَمَّاهَا «سُورَةَ الْمُطَفِّفِينَ» وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي كَوْنِهَا مَكِّيَّةً أَوْ مَدَنِيَّةً أَوْ بَعْضُهَا مَكِّيٌّ وَبَعْضُهَا مَدَنِيٌّ. فَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْأَصَحِّ عَنْهُ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ وَمُقَاتِلٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ: أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، قَالَ: وَهِيَ أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَقَتَادَةَ: هِيَ مدنيّة إلّا ثَمَان آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا [المطففين: ٢٩] إِلَى آخِرِهَا.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَهِيَ لِذَلِكَ مَكِّيَّةٌ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَدَنِيِّ بِمَا نَزَلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنَ الْأَقْوَالِ لِأَهْلِ عِلْمِ الْقُرْآنِ.

قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: احْتَجَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ بِذِكْرِ الْأَسَاطِيرِ فِيهَا أَيْ قَوْلُهُ: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الْقَلَم: ١٥] . وَالَّذِي نَخْتَارُهُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ التَّعْرِيضُ بِمُنْكِرِي الْبَعْثِ.

وَمِنَ اللَّطَائِفِ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لِأَنَّ التَّطْفِيفَ كَانَ فَاشِيًا فِي الْبَلَدَيْنِ.

وَقَدْ حَصَلَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ أَنَّهَا: إِمَّا آخِرُ مَا أُنْزِلَ بِمَكَّةَ، وَإِمَّا أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَوْلٌ حَسَنٌ.