تَقَعْ بَعْدَ فِعْلِ عِلْمِ يَقِينٍ أَوْ ظَنٍّ وَلَا بَعْدَ مَا فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ، فَهِيَ مَصْدَرِيَّةٌ وَلَيْسَتْ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ.
وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْآيَةَ، أَوْ عَلَى جُمْلَةِ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الْحَشْر: ٢] ، وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى جَوَابِ لَوْلا فَإِنَّ عَذَابَ النَّارِ حَاقٌّ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ مُنْتَفِيًا. وَالْمَقْصُودُ الِاحْتِرَاسُ مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّ الْجَلَاءَ بَدَلٌ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَمِنْ عَذَاب الْآخِرَة.
[٤]
[سُورَة الْحَشْر (٥٩) : آيَة ٤]
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤)
الْإِشَارَةُ إِلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ إِخْرَاجِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَقَذْفِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَتَخْرِيبِ بُيُوتِهِمْ، وَإِعْدَادِ الْعَذَابِ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ.
وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهِيَ جَارَّةٌ لِلْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْ (أَنْ) وَجُمْلَتِهَا.
وَالْمُشَاقَّةُ: الْمُخَاصَمَةُ وَالْعَدَاوَةُ قَالَ تَعَالَى: وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ [النَّحْل: ٢٧] وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي أَوَّلِ الْأَنْفَالِ.
وَالْمُشَاقَّةُ كَالْمُحَادَّةِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الِاسْمِ. وَهُوَ الشِّقُّ، كَمَا اشْتُقَّتِ الْمُحَادَّةُ مِنَ الْحَدِّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُجَادِلَةِ. وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [٣٥] وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما.
وَقَدْ كَانَ بَنُو النَّضِيرِ نَاصَبُوا الْمُسْلِمِينَ الْعَدَاءَ بَعْدَ أَنْ سَكَنُوا الْمَدِينَةَ وَأَضَرُّوا الْمُنَافِقِينَ وَعَاهَدُوا مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا.
وَجُمْلَةُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ تَذْيِيلٌ، أَيْ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِكُلِّ مَنْ يُشَاقِقُهُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute